للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَستأذنُ في بيتِ حَفصةَ، قالَتْ: فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ هذا رَجلٌ يَستأذِنُ في بَيتِكَ، فقالَ النبيُّ : «أُراهُ فُلانًا -لعَمِّ حَفصةَ مِنْ الرَّضاعةِ-، قالَتْ عائِشةُ: لو كانَ فُلانٌ حيًّا -لعمِّهَا مِنْ الرَّضاعةِ- دخَلَ عَليَّ؟ فقالَ: نعمْ، الرَّضاعةُ تُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ» (١).

وعن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ عن عائِشةَ قالَتْ: «استَأذنَ عَليَّ أفلَحُ فلَم آذَنْ له، فقالَ: أتَحتَجِبينَ منِّي وأنا عمُّكِ؟ فقُلتُ: وكيفَ ذلكَ؟ قالَ: أرضَعَتْكِ امرَأةُ أخي بلَبنِ أخِي، فقالَتْ: سَألتُ عن ذلكَ رَسولَ اللهِ فقالَ: صدَقَ أفلَحُ، ائذَنِي له» (٢).

قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجصاصُّ : المَنصوصُ عليهِ في التَّنزيلِ مِنْ الرَّضاعِ الأمهاتُ والأخواتُ مِنْ الرَّضاعةِ، إلا أنه قَدْ ثبَتَ عن النبيِّ بالنَّقلِ المُستفيضِ الموجِبِ للعِلمِ أنهُ قالَ: «يَحرمُ مِنْ الرَّضاعِ ما يَحرمُ مِنْ النَّسبِ»، واتَّفقَ الفُقهاءُ على استعمالِه، واللهُ أعلَمُ (٣).

قالَ الإمامُ النوويُّ : هذهِ الأحاديثُ مُتفِقةٌ على ثُبوتِ حُرمةِ الرَّضاعِ، وأجمَعَتِ الأمَّةُ على ثُبوتِها بينَ الرضيعِ والمرضِعةِ، وأنهُ يَصيرُ ابنَها يَحرمُ عليه نكاحُها أبدًا، ويَحلُّ له النَّظرُ إليها والخَلوةُ بها والمُسافَرةُ،


(١) أخرجه البخاري (٤٨١١)، ومسلم (١٤٤٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٠١)، ومسلم (١٤٤٥).
(٣) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>