للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما سائرُ أحكامِ النَّسبِ كالمِيراثِ والنَّفقةِ والعِتقِ بالمِلكِ وسُقوطِ القِصاصِ وعَدمِ القَطعِ والوِلايةِ على المالِ أو النَّفسِ فلا تَثبتُ بالرَّضاعِ اتِّفاقًا.

والأصلُ في التَّحريمِ بالرَّضاعِ الكِتابُ والسُّنةُ والإجماعُ.

أمَّا الكِتابُ: فقَولُه تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣]، فذكَرَ اللهُ في جُملةِ الأعيانِ المُحرَّماتِ الأمَّ المُرضِعةَ والأختَ مِنْ الرَّضاعةِ، فدَلَّ على أنَّ له تأثيرًا في التَّحريمِ (١).

وأما السُّنةُ: فعَن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ النبيُّ في بِنتِ حَمزةَ: «لا تَحِلُّ لي، يَحرُمُ مِنْ الرَّضاعِ ما يَحرمُ مِنْ النَّسبِ، هيَ بِنتُ أخِي مِنْ الرَّضاعةِ» (٢)، ففيهِ دَليلٌ على أنَّ الرَّضاعَ مِنْ أسبابِ التحريمِ وأنهُ بمَنزلةِ النسبِ في ثُبوتِ الحرمةِ؛ لأنَّ ثُبوتَ الحرمةِ بالنَّسبِ لحَقيقةِ البعضيَّةِ أو شُبهةِ البعضيةِ، وفي الرَّضاعِ شُبهةُ البعضيةِ بما يَحصلُ باللَّبنِ الذي هوَ جزءُ الآدَميةِ في إنباتِ اللَّحمِ وإنشازِ العَظمِ (٣).

وعن عَمرةَ بنتِ عَبدِ الرَّحمنِ أنَّ عائِشةَ زوْجَ النبيِّ أخبَرَتْها أنَّ رَسولَ اللهِ كانَ عندَها وأنها سَمعَتْ صوتَ رَجلٍ


(١) «البيان» (١١/ ١٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٠٢)، ومسلم (١٤٤٧).
(٣) «المبسوط» (٥/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>