للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخُروجِ عنه؛ لأنَّ الانتقالَ مِنْ الأولِ إليهِ كانَ لعُذرٍ، فصارَ المَنزلُ الذي انتَقلَتْ إليه كأنَّه مَنزلُها مِنْ الأصلِ، فلَزمَها المُقامُ فيه حتَّى تَنقضيَ العدَّةُ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: يَجبُ عليها الاعتِدادُ في المَنزلِ الذي ماتَ زَوجُها وهي ساكِنةٌ به، سَواءٌ كانَ مَملوكًا لزَوجِها أو بإجارةٍ أو عارِيةً؛ لأنَّ النبيَّ قالَ لفُريعةَ: «امكُثِي في بَيتِكِ»، ولم تَكنْ في بَيتٍ يَملكُه زَوجُها، وفي بَعضِ ألفاظِه: «اعتَدِّي في البَيتِ الذي أتاكِ فيه نَعيُ زَوجكِ»، وفي لَفظٍ: «اعتَدِّي حيثُ أتاكِ الخبَرُ»، فإنْ أتاها الخبَرُ في غيرِ مَسكنِها رجَعَتْ إلى مَسكنِها فاعتدَّتْ فيه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ خافَتْ هَدمًا أو غَرقًا أو عَدوًّا أو نحوَ ذلكَ، أو حوَّلَها صاحِبُ المَنزلِ لكَونِه عارِيةً رجَعَ فيها، أو بإجارةٍ انقَضَتْ مُدتُها أو منَعَها السُّكنَى تَعدِّيًا أو امتَنعَ مِنْ إجارتِه أو طلَبَ به أكثَرَ مِنْ أُجرةِ المِثلِ، أو لم تَجدْ ما تَكتري به، أو لم تَجدْ إلا مِنْ مالِها؛ فلَها أنْ تَنتقلَ؛ لأنها حالُ عُذرٍ، ولا يَلزمُها بذلكَ أجرُ المَسكنِ، وإنما الواجِبُ عليها فِعلُ السُّكنَى لا تَحصيلُ المَسكنِ، وإذا تَعذَّرتِ السُّكنى سقَطَتْ، ولها أنْ تَسكنَ حَيثُ شاءَتْ، ذكَرَه القاضِي.

وذكَرَ أبو الخطَّابِ أنها تَنتقلُ إلى أقرَبِ ما يُمكنُها النقلَةُ إليه، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنه أقرَبُ إلى مَوضعِ الوُجودِ، فأشبَهَ مَنْ وجَبَتْ عليهِ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٠٥، ٢٠٦)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٧)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٢، ٣٣)، و «القوانين الفقهية» (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>