للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ المَنزلُ لزَوجِها وقد ماتَ عنها فلهَا أنْ تَسكنَ في نَصيبِها إنْ كانَ نَصيبُها مِنْ ذلكَ ما تَكتفِي به في السُّكنَى وتَستتِرُ عن سائرِ الوَرثةِ ممَّن ليسَ بمَحرمٍ لها، وإنْ كانَ نَصيبُها لا يَكفيها أو خافَتْ على مَتاعِها منهُم فلا بأسَ أنْ تَنتقلَ، وإنما كانَ كذلكَ لأنَّ السُّكنَى وجَبَتْ بطَريقِ العِبادةِ حقًّا للهِ تعالَى عليها، والعِباداتُ تَسقطُ بالأعذارِ.

وقد رُويَ أنه لمَّا قُتلَ عُمرُ نقَلَ عليٌّ أمَّ كَلثومٍ ؛ لأنها كانَتْ في دارِ الإمارةِ.

وقد رُويَ أنَّ عائِشةَ نقَلَتْ أختَها أمَّ كَلثومٍ بنتَ أبي بَكرٍ لمَّا قُتلَ طَلحةُ ، فدَلَّ ذلكَ على جَوازِ الانتقالِ للعُذرِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: وإذا كانَتْ تَقدرُ على أُجرةِ البَيتِ في عدَّةِ الوَفاةِ فلا عُذرَ ولا تَسقطُ عنها العِبادةُ، كالمُتيمِّمِ إذا قدَرَ على شِراءِ الماءِ بأنْ وجَدَ ثمَنَه وجَبَ عليهِ الشِّراءُ، وإنْ لم يَقدرْ لا يَجبُ؛ لعُذرِ العَدمِ، كذا ههُنا.

ونَصَّ الحَنفيةُ أيضًا والمالِكيةُ على أنها إذا انتَقلَتْ لعُذرٍ يَكونُ سُكناها في البَيتِ الذي انتَقلَتْ إليه بمَنزلِة كَونِها في المَنزلِ الذي انتَقلَتْ منه في حُرمةِ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٠٥، ٢٠٦)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٧)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٢، ٣٣)، و «الاستذكار» (٦/ ٢١٤)، و «القوانين الفقهية» (١٥٨)، و «البيان» (١١/ ٧٤)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٦٩، ١٧٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١١٢، ١١٣)، و «المغني» (٨/ ١٢٧، ١٢٨)، و «الكافي» (٣/ ٣٢٣، ٣٢٤)، و «الإنصاف» (٩/ ٣٠٨)، و «الروض المربع» (٢/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>