للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنَهاها عن ذلكَ، فكانَتْ تَخرجُ مِنْ المَدينةِ سَحَرًا فتُصبحُ في حَرثِهم فتَظلُّ فيه يَومَها ثمَّ تَدخلُ المَدينةَ إذا أمسَتْ فتَبيتُ في بَيتِها» (١).

ورَوى مالكٍ عن نافعٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ أنه كانَ يَقولُ: «لا تَبيتُ المُتوفَّى عنها زَوجُهَا ولا المَبتوتةُ إلا في بَيتِها» (٢).

ولأنَّ الليلَ مَظنةُ الفَسادِ، فلَم يَجُزْ لها الخُروجُ فيه مِنْ غيرِ ضَرورةٍ.

ورُويَ عن مُحمدٍ أنه قالَ: لا بأسَ أنْ تَنامَ عن بَيتِها أقلَّ مِنْ نِصفِ الليلِ؛ لأنَّ البَيتوتةَ في العُرفِ عبارةٌ عن الكَونِ في البَيتِ أكثَرَ الليلِ، فما دُونَه لا يُسمَّى بَيتوتةً في العُرفِ، ومَنزلُها الذي تُؤمرُ بالسُّكونِ فيه للاعتِدادِ هو المَوضعُ الذي كانَتْ تَسكنُه قبلَ مُفارَقةِ زَوجِها وقبلَ مَوتِه، سَواءٌ كانَ الزوجُ ساكِنًا فيه أو لم يَكنْ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى أضافَ البيتَ إليها بقَولِه ﷿: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١]، والبَيتُ المُضافُ إليها هو الذي تَسكنُه، وهذا في حالةِ الاختيارِ.

وأما في حالةِ الضَّرورةِ فإنِ اضطرَّتْ إلى الخُروجِ مِنْ بَيتِها -بأنْ خافَتْ سُقوطَ مَنزلِها، أو خافَتْ على مَتاعِها، أو كانَ المَنزلُ بأُجرةٍ ولا تَجدُ ما تُؤدِّيهِ في أجرَتِه في عدَّةِ الوَفاةِ، أو كانَتْ تَخافُ اللُّصوصَ، أو كانَتْ بينَ قَومٍ فسَقةٍ تَخافُ منهُم على نَفسِها- فلا بأسَ عندَ ذلكَ أنْ تَنتقلَ.


(١) ضَعِيفٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٢٣١).
(٢) صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>