الطَّلاقِ، فوجَبَ أنْ تَعتدَّ به كما لو كانَ حاضِرًا، ولأنَّ القَصدَ غيرُ مُعتبَرٍ في العدَّةِ؛ بدَليلِ أنَّ الصَّغيرةَ والمَجنونةَ تَنقضي عدَّتُهما مِنْ غيرِ قَصدٍ، ولم يُعدَمْ هاهُنا إلا القَصدُ، وسَواءٌ في هذا اجتَنبَتْ ما تَجنبتُه المُعتدَّاتُ أو لم تَجتنبْه، فإنَّ الإحدادَ الواجِبَ ليسَ بشَرطٍ في العدَّةِ، فلو تَركَتْه قَصدًا أو عن غَيرِ قَصدٍ لَانقضَتْ عدَّتُها؛ فإنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وقالَ: ﴿فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ [الطلاق: ٤]، وقالَ: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤]، وفي اشتِراطِ الإحدادِ مُخالَفةُ هذه النُّصوصِ، فوجَبَ ألا يُشترطَ (١).
وانقضاءُ العدَّةِ يَختلفُ باختِلافِ نَوعِها، فإنْ كانَتِ المَرأةُ حاملًا فإنَّ عدَّتَها تَنتهي بوَضعِ الحَملِ كلِّه، وإذا كانَتِ العدَّةُ بالقُروءِ فإنها تَنتهي بثَلاثةِ قُروءٍ، وإذا كانَتِ العدَّةُ بالأشهُرِ فإنها تُحسبُ مِنْ وَقتِ الفُرقةِ أو الوَفاةِ حتَّى تَنتهي بمُضيِّ ثَلاثةِ أشهُرٍ أو أربَعةِ أشهُرٍ وعَشرٍ.
وبيَّنَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀ ما تَنقضِي به العِدَّةُ فقالَ: انقِضاءُ العدَّةِ نَوعانِ: الأولُ بالقَولِ، والثَّاني بالفِعلِ.
أما القَولُ: فهوَ إخبارُ المُعتدةِ بانقِضاءِ العدَّةِ في مُدةٍ يحتَملُ الانقِضاءُ في مثلِها، فإنْ كانَتْ حُرةً مِنْ ذَواتِ الأشهُرِ فإنها لا تُصدَّقُ في أقلِّ مِنْ ثَلاثةِ أشهُرٍ في عدَّةِ الطَّلاقِ أو أربَعةِ أشهُرٍ وعَشرٍ في عدَّةِ الوَفاةِ، وإنْ كانَتْ حُرةً مِنْ ذَواتِ الأقراءِ ومُعتدةً مِنْ وَفاةٍ فإنها لا تُصدَّقُ في أقلِّ مِنْ أربَعةِ أشهُرٍ