للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ عن الإمامِ أحمَدَ أنه إنْ قامَتْ بذلك بَينةٌ فالحُكمُ كذلكَ في المَوتِ والطَّلاقِ، وإنْ لم تكنْ هُناكَ بَينةٌ فعدَّتُها مِنْ يَومِ يأتِيها الخبَرُ.

قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ : اللهُ تعالَى نَصَّ على وُجوبِ العدَّةِ بالمَوتِ والطَّلاقِ بقَولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٤] كما قالَ تعالَى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، فأوجَبَ العدَّةَ فيهما بالمَوتِ وبالطَّلاقِ، فواجِبٌ أنْ تكونَ العدَّةُ فيهِما مِنْ يَومِ المَوتِ والطَّلاقِ، ولمَّا اتَّفقُوا على أنَّ عدَّةَ المُطلقةِ مِنْ يَومِ طلَّقَ ولم يَعتبِروا وقْتَ بُلوغِ الخبَرِ كذلكَ عدَّةُ الوَفاةِ؛ لأنهُما جَميعًا سبَبَا وُجوبِ العدَّةِ.

وأيضًا فإنَّ العدَّةَ ليسَتْ هي فِعلَها فيُعتبَرَ فيها عِلمُها، وإنما هي مُضيُّ الأوقاتِ، ولا فرْقَ بينَ عِلمِها بذلكَ وبينَ جَهلِها به.

وأيضًا لمَّا كانَتِ العدَّةُ مُوجَبةً عن المَوتِ كالميراثِ، وإنما يُعتبَرُ في المِيراثِ وقتُ الوفاةِ لا وَقتُ بُلوغِ خبَرِها، وجَبَ أنْ تكونَ كذلكَ العدَّةُ، وأنْ لا يَختلفَ فيها حُكمُ العِلمِ والجَهلِ كما لا يَختلفُ في الميراثِ.

وأيضًا فإنَّ أكثَرَ ما في العِلمِ أنْ تَجتنبَ ما تَجتنبُه المُعتدَّةُ مِنْ الخُروجِ والزِّينةِ إذا عَلِمتْ، فإذا لم تَعلمْ فتَركُ اجتنابِ ما يَلزمُ اجتِنابُه في العدَّةِ لم يَكنْ مانعًا مِنْ انقِضاءِ العدَّةِ؛ لأنها لو كانَتْ عالِمةً بالمَوتِ فلَم تَجتنبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>