للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانَ غائبًا فأتاها مَوتُه لمُدةٍ تَنقضِي بها العدَّةُ فلا عدَّةَ، وإذا شكَّتْ في العدَّةِ اعتدَّتْ مِنْ الوَقتِ الذي تَستيقنُ فيه بمَوتِه.

وذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ -وهو قَولُ عليٍّ والحَسنِ البَصريِّ وخلاسِ بنِ عَمرٍو ورَبيعةَ- إلى أنَّ الزوجةَ إذا طلَّقَها زَوجُها ولم تَعلمْ إلا بعدَ انقِضاءِ العدَّةِ فلا عدَّةَ عليها؛ لأنَّ العِبرةَ بوَقتِ الطَّلاقِ وليسَ بوَقتِ العِلمِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ سَببٌ لوُجوبِ العدَّةِ، ولأنَّ الصَّغيرةَ تَعتدُّ مع عَدمِ قَصدِها.

وإذا كانَ غائبًا فأتاها طَلاقُه لمُدةٍ تَنقضِي بها العدَّةُ فلا عدَّةَ، وإذا شَكَّتْ في العدَّةِ اعتدَّتْ مِنْ الوَقتِ الذي تَستيقنُ فيه.

إلا أنَّ المالِكيةَ قالُوا: وإذا بلَغَها مَوتُ زَوجِها فعِدتُها مِنْ يَومِ ماتَ، فإنْ لم يَبلغْها ذلكَ حتى انقَضتْ عدَّتُها فلا إحدادَ عليها وقد حلَّتْ، وكذلكَ إنْ طلقَتْ وهو غائِبٌ فعِدتُها مِنْ يَومِ طلَّقَ إذا أقامَتْ على الطَّلاقِ بيِّنةً، وإنْ لم تَكنْ على ذلكَ بيِّنةٌ إلا أنه لمَّا قَدِمَ قالَ: «كنتُ طلَّقتُها» فالعدَّةُ مِنْ يَومِ إقرارِه، ولا رَجعةَ له في ذلكَ فيما دونَ الثلاثِ إذا تمَّتِ العدَّةُ مِنْ يَومِ دَعواهُ، وتَرثُه في العدَّةِ مِنْ يَومِ دَعواهُ المُؤتنفةِ؛ لأنها في عدَّتِها، ولا يَرثُها؛ لانقِضاءِ عدَّتِها بإقرارِه، إلا إذا قامَتْ بيِّنةٌ فتَعتدُّ مِنْ الوَقتِ الذي ذكَرَتْه البيِّنةُ، وهذا في الطَّلاقِ الرَّجعيِّ.

أما البائنُ فلا يَتوارثانُ بحالٍ، ولا يَرجعُ عليها بما أنفَقَتْ مِنْ مالِه بعدَ طَلاقِه قبلَ عِلمِها؛ لأنه قد فرَّطَ (١).


(١) «تهذيب المدونة» (١/ ٣٧٧)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٨٢)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٤٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٢٥، ٤٢٦)، و «منح الجليل» (٤/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>