للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسُّننُ عندَهم سُنَنٌ بعَينِها؛ لقولِه لِلأعرابيِّ الذي سألَه عن فُروضِ الإسلامِ: «أفلَحَ إن صَدَقَ، دخلَ الجَنَّةَ إن صَدَقَ»، وذلكَ بعدَ أن قالَ لهُ: «واللهِ لا أزِيدُ على هذا ولا أنقُصُ منه»، يَعني الفَرائِضَ، وقد تَقدَّم هذا الحَديثُ، واتَّفَقوا من هذا البابِ على سُجودِ السَّهوِ؛ لِتَركِ الجَلسةِ الوُسطَى، واختَلَفُوا فيها هل هيَ فَرضٌ أو سُنَّةٌ، وكذلكَ اختَلَفوا هل يَرجِعُ الإمامُ إذا سُبِّحَ له بها أو ليس يَرجِعُ؟ وإن رَجعَ فمتى يَرجِعُ؟ قالَ الجُمهورُ: يَرجِعُ ما لم يَستَوِ قائِمًا، وقالَ قَومٌ: يَرجِعُ ما لم يَعقِدِ الرَّكعةَ الثالِثةَ، وقالَ قَومٌ: لا يَرجِعُ إن فارقَ الأرضَ قَيدَ شِبرٍ، وإذا رَجعَ عندَ الذينَ لا يَرَونَ رُجوعَه فالجُمهورُ على أنَّ صَلاتَه جائِزَةٌ، وقالَ قَومٌ: تبطُلُ صَلاتُه (١).

وأمَّا الواجِباتُ والسُّننُ فبَيانُها فيما يلي:

أولًا: مَذهبُ الحَنفيَّةِ: جاءَ في «الفَتاوَى الهِندِيَّةِ»: الأصلُ أنَّ المَتروكَ ثَلاثةُ أنواعٍ: فَرضٌ وسُنةٌ وواجِبٌ، ففي الفَرضِ إن أمكَنَهُ التَّدارُكُ بالقَضاءِ يَقضِي، وإلا فَسَدَت صَلاتُه، وفي السُّنةِ لا تفسُدُ؛ لأنَّ قيامَ الصَّلاةِ بأركانِها، وقد وُجِدَت، ولا يُجبَرُ تَركُ السُّنةِ بسَجدَتَيِ السَّهوِ، وفي الواجِبِ إن تُرِكَ ساهِيًا يُجبَرُ بسَجدَتَيِ السَّهوِ، وإن تُرِكَ عامِدًا فلا، كذا في «التتارخانية»، ونقلَ عن البَحرِ أنَّه لو تركَ سَجدةً من رَكعةٍ فتذكَّرها في آخرِ الصَّلاةِ سجدَها وسجدَ لِلسَّهوِ؛ لِتَركِ التَّرتيبِ فيهِ، وليس عليه إعادةُ ما قبلَها، ولو قدَّم الرُّكوعَ على القِراءةِ لزِمه السُّجودُ، لكِن لا يُعتَدُّ بالرُّكوعِ فيُفرَضُ إعادَتُه بعدَ القِراءةِ (٢).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٧١، ٢٧٢).
(٢) «الفتاوى الهندية» (١/ ١٢٦)، و «المبسوط» (١/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>