للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهب المالِكيَّةُ إلى أنَّ مَنْ تركَ رُكنًا وأمكَنَهُ تَدَارُكُه وجبَ عليه التَّدارُكُ معَ سُجودِ السَّهوِ، وذلكَ إذا أتَى بهِ في الرَّكعةِ نَفسِها إلى ما قبلَ عَقدِ رَكعةٍ أُخرى بالرُّكوعِ لها، فإن كانَ تركَ الرُّكنَ في الرَّكعةِ الأخيرةِ ثم سلَّم، لم يُمكِنهُ التَّدارُكُ بأداءِ المَتروكِ، بل عليه الإتيانُ برَكعةٍ أُخرى ما لم يُطِلِ الفَصلُ أو لم يَخرُج مِنْ المَسجدِ؛ فعَليهِ استِئنافُ الصَّلاةِ (١).

وأمَّا الشافِعيَّةُ فقالوا في «الرَّوضةِ»: إنَ تركَ رُكنًا سَهوًا لم يعتَدَّ بما فَعَلهُ بعدَ المَتروكِ حتى يَأتيَ بما تركَه، فإن تذكَّر السَّهوَ قبلَ فِعلِ مِثلِ المَتروكِ اشتغَل عندَ التَّذكُّرِ بالمَتروكِ، وإن تذكَّر بعدَ فِعلِ مِثلِه في رَكعةٍ أُخرى تَمَّتِ الرَّكعةُ السابقةُ بهِ، ولَغَا ما بينَهما، هذا إذا عَرَفَ عَينَ المَتروكِ ومَوضِعَه، فإن لم يَعرِف عينَ المَتروكِ أخذَ بأدنى المُمكِنِ وأتى بالبَقيَّةِ، وفي الأحوالِ كلِّها يَسجُدُ لِلسَّهوِ (٢).

وعندَ الحَنابِلةِ: مَنْ نَسيَ رُكنًا غيرَ التَّحريمَةِ فذكرَهُ بعدَ شُروعِه في قِراءةِ الرَّكعةِ التي بعدَها بطَلتِ الرَّكعةُ التي تركَه منها فقط؛ لأنَّه تركَ رُكنًا ولم يُمكِنِ استِدراكُه فصارَتِ التي شرعَ فيها عِوضًا عنها، وإن ذكرَ الرُّكنَ المَنسِيَّ قبلَ شُروعِه في قِراءةِ الرَّكعةِ التي بعدَها عادَ لُزومًا، فأتَى بهِ وبما بعدَه (٣).


(١) «حاشية الدُّسوقي على الشرح الكبير» (١/ ٢٩٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٦٠).
(٢) «روضة الطالبين» (١/ ٣٠٠)، و «المجموع» (٤/ ١٢٣)، و «المهذب» (١/ ٩٠)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٧٩)، و «نهاية المحتاج» (١/ ٥٤١).
(٣) «كشَّاف القناع» (١/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>