للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَكَّ أحَدُكُم في صَلاتِه فَليَتَحَر الصَّوَابَ، فَليُتمَّ عليه، ثم ليسلِّم ثم يَسجُد سَجدتَينِ» (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : واختارَ الخرقِيُّ التَّفريقَ بينَ الإمامِ والمُنفرِدِ، فجعلَ الإمامَ يَبنِي على الظَّنِّ، والمُنفَردَ يَبنِي على اليَقينِ، وهو الظَّاهرُ في المَذهبِ، نقلَه عن أحمدَ الأثرَمُ وغيرُه، والمَشهورُ عن أحمدَ البِناءُ على اليَقينِ في حقِّ المُنفرِدِ؛ لأنَّ الإمامَ له مَنْ يُنبِّهُه ويُذكِّرُه إذا أخطَأَ الصَّوابَ، فليَعمَل بالأظهَرِ عندَه، فإن أصابَ أقرَّهُ المَأمومونَ، فيَتأكَّدَ عندَه صَوابُ نَفسِه، وإن أخطَأَ سَبّحُوا له، فرَجعَ إليهِم، فيُجعَلَ له الصَّوابُ على كِلتا الحالتَينِ، وليس كذلكَ المُنفرِدُ، إذ ليس له ما يُذكِّرُه فيَبنِيَ على اليَقينِ؛ لِيَحصلَ له إتمامُ صَلاتِه، ولا يَكونُ مَغرورًا بها، وهو مَعنى قولِه: «لا غِرارَ في الصَّلاةِ» (٢).

وإذا استَوَى عندَهُ الأمرانِ بَنَى على اليَقينِ، إمامًا كانَ أو مُنفرِدًا، وأتَى بما بَقيَ من صَلاتهِ وسجدَ لِلسَّهوِ قبلَ السَّلامِ؛ لِأنَّ الأصلَ البِناءُ على اليَقينِ، وإنَّما جازَ تَركُه في حَقِّ الإمامِ؛ لِمُعارَضَتِه الظَّنَّ الغالِبَ، فإذا لم يُوجَد وجبَ الرُّجوعُ إلى الأصلِ (٣).


(١) رواه البُخاري (٣٩٢)، ومُسلِم (٥٧٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٩٢٨)، وأحمد (٢/ ٤٦١)، ومعنى غرار: لا يخرجُ منها وهو يَظُنُّ أنه قد بقِيَ عليه منها شيءٌ حتى يكونَ على اليقينِ والكَمالِ.
(٣) «المغني» (٢/ ٢٠٠، ٢٠١)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٤٠٦)، و «الكافي» (١/ ١٦٧، ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>