للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاستِقبالُ لا يَكونُ إلا بعدَ الخُروجِ من الصَّلاةِ، وذلكَ بالسَّلامِ أو الكَلامِ أو عمَلٍ آخرَ مما يُنافِي الصَّلاةَ، والخُروجُ بالسَّلامِ قاعِدًا أَولَى؛ لأنَّ السَّلامَ عُرف مُحَلِّلًا دونَ الكَلامِ، ولا يَصحُّ الخُروجُ بمُجرَّدِ النِّيةِ، بل يَلغُو، ولا يَخرُجُ بذلكَ من الصَّلاةِ، وإن تَكرَّر ذلك منه تَحرَّى وعَمِلَ على غلَبةِ الظَّنِّ إن كانَ له ظَنٌّ، ثم يَسجُدُ سَجدتَينِ بعدَ السَّلامِ، وذلك لقولِه : «إذا شَكَّ أحَدُكُم في صَلاتِه فَليَتَحَر الصَّوَابَ» (١).

وإن لم يكن له رَأيٌ -ظَنٌّ- بَنَى على اليَقينِ، وهو الأقَلُّ؛ لقولِه : «إذا سَهَا أحَدُكُم في صَلاتِه فلم يَدرِ واحدةً صلَّى أو ثِنتَينِ فَليَبنِ على واحدةٍ، فَإِنْ لم يَدرِ ثِنتَينِ صلَّى أو ثَلاثا فَليَبنِ على ثِنتَينِ، فَإِنْ لم يَدرِ ثَلاثا صلَّى أو أَربَعًا فَليَبنِ على ثَلاث … » الحَديثَ.

وعندَ البِناءِ على الأقَلِّ يَقعُدُ في كلِّ مَوضِعٍ يَحتَمِلُ أن يَكونَ آخر الصَّلاةِ، تَحرُّزًا عن تَركِ فَرضِ القَعدةِ الأخيرةِ، وهي رُكنٌ (٢).

وذَهب الحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى البِناءِ على أغلَبِ الظَّنِّ، ويُتمُّ صَلاتَه ويَسجُدُ بعدَ السَّلامِ؛ لحَديثِ ابنِ مَسعودٍ السابقِ، وفيهِ: «إذا


(١) رواه البُخاري (٣٩٢)، ومُسلِم (٥٧٢).
(٢) «معاني الآثار» (١/ ٥١٨)، و «مُختصَر القُدُورِي» (٣٥)، و «البحر الرائق» (٢/ ١١٧)، و «شرح فتح القدير» (١/ ٥١٩)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ١٣٠)، و «البناية» (٣/ ٦٨٠)، و «عُمدَة القارِي» (٧/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>