للأزواجِ، هذا قَولُ مالكٍ والشافِعيِّ وأبي حَنيفةَ وأحمَدَ والعُلماءِ كافَّةً، إلا رِوايةً عن عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ وسَحنونٍ المالِكيُّ أنَّ عدَّتَها بأقصَى الأجَلَينِ وهيَ أربَعةُ أشهُرٍ وعَشرًا ووَضعُ الحَملِ، وإلا ما رُويَ عن الشَّعبيِّ والحَسنِ وإبراهيمَ النخَعيِّ وحمَّادٍ أنها لا يَصحُّ زَواجُها حتى تَطهرَ مِنْ نِفاسِها.
وحُجةُ الجُمهورِ حَديثُ سُبيعةَ المَذكورِ، وهو مُخصِّصٌ لعُمومِ قَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]، ومُبيِّنٌ أنَّ قولَه تَعالَى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] عامٌّ في المُطلَّقةِ والمُتوفَّى عنها وأنه على عُمومِه، قالَ الجُمهورُ: وقد تَعارَضَ عُمومُ هاتَينِ الآيتينِ، إذا تعارَضَ العُمومانِ وجَبَ الرُّجوعُ إلى مُرجِّحٍ لتَخصيصِ أحَدِهما، وقد وُجدَ هُنا حَديثُ سُبيعةَ المُخصِّصِ لأربَعةٍ أشهرٍ وعَشرًا، وأنها مَحمولةٌ على غيرِ الحامِلِ.
وأما الدَّليلُ على الشعبيِّ ومُوافِقيهِ فهو ما رَواهُ مُسلمٌ في البابِ أنها قالَتْ:«فأفتَاني النبيُّ ﷺ بأني قد حَلَلْتُ حينَ وَضَعتُ حَملي»، وهذا تَصريحٌ بانقِضاءِ العدَّةِ بنَفسِ الوَضعِ، فإنِ احتَجُّوا بقَولِه:«فلمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفاسِها» أي: طَهُرتْ منه فالجَوابُ: أنَّ هذا إخبارٌ عن وَقتِ سُؤالِها ولا حُجةَ فيه، وإنَّما الحُجةُ في قَولِ النبيِّ ﷺ أنها حَلَّتْ حينَ وَضَعتْ، ولم يُعلِّلْ بالطُّهرِ مِنْ النِّفاسِ (١).