أنَّه ﵊ قالَ: «إذا شَكَّ أحَدُكم في صَلاتِه فلَم يَدرِ كَمْ صلَّى، أثَلاثًا أم أربَعًا؛ فليُصلِّ رَكعةً وليَسجُد سَجدتَينِ وهوَ جالِسٌ قبلَ التَّسليمِ؛ فإن كانَتِ الرَّكعةُ التي صلَّاها خامِسةً شَفَعَها بهاتَينِ السَّجدتَينِ، وإن كانَت رابِعةً فالسَّجدَتانِ تَرغيمٌ لِلشَّيطانِ».
قالوا: ففيهِ السُّجودُ لِلزِّيادةِ قبلَ السَّلامِ؛ لأنَّها مُمكِنَةُ الوُقوعِ خامِسةً، واحتَجوا لذلكَ أيضًا بما رُويَ عن ابنِ شِهابٍ أنَّه قالَ: «كانَ آخرُ الأمرَينِ مِنْ رَسولِ اللهِ ﷺ السُّجودَ قبلَ السَّلامِ»، وأمَّا مَنْ رجَّح حَديثَ ذي اليَدينِ فقالَ: السُّجودُ بعدَ السَّلامِ، واحتَجوا لِتَرجيحِ هذا الحَديثِ بأنَّ حَديثَ ابنِ بُحَينَةَ قد عارَضَهُ حَديثُ المُغيرَةِ بنِ شُعبةَ أنَّه ﵊ «قامَ مِنْ اثنَتَينِ ولم يَجلِس ثم سجدَ بعدَ السَّلامِ»، قالَ أبو عمرَ: ليس مِثلَه في النَّقلِ فيُعارَضَ بهِ. واحتَجوا أيضًا لذلكَ بحَديثِ ابنِ مَسعودٍ الثَّابِتِ «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ صلَّى خَمسًا ساهِيًا وسجدَ لِسَهوِهِ بعدَ السَّلامِ»، وأمَّا مَنْ ذَهب مَذَهب الجَمعِ فإنَّهم قالوا: إنَّ هذه الأحاديثَ لا تَتَناقَضُ، وذلكَ أنَّ السُّجودَ فيها بعدَ السَّلامِ، إنَّما هوَ في الزِّيادةِ، والسُّجودُ قبلَ السَّلامِ في النُّقصانِ؛ فوجبَ أن يَكونَ حكمُ السُّجودِ في سائرِ المَواضِعِ كما هو في هذا المَوضِعِ، قالوا: وهو أَولَى مِنْ حَملِ الأحادِيثِ على التَّعارُضِ. وأمَّا مَنْ ذَهب مَذَهب الجَمعِ والتَّرجيحِ فقالَ: يَسجُدُ في المَواضِعِ التي سجدَ فيها رَسولُ اللهِ ﷺ على النحوِ الذي سجدَهُ رَسولُ اللهِ ﷺ؛ فإنَّ ذلك هو حكمُ تلكَ المَواضِعِ، وأمَّا المَواضِعُ التي لم يَسجُد فيها رَسولُ اللهِ ﷺ فالحكمُ فيها السُّجودُ قبلَ السَّلامِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute