عُذرَ له في سُكوتِه كانَ كاعتِرافِه به، ولَحقَ به الوَلدُ وبَقيتً زَوجةً، سَواءٌ كانَتْ مُسلمةً أو كِتابيةً، ويُحَدُّ للمُسلمةِ مُطلَقًا، طالَ سُكوتُه كالشَّهرِ أم لم يَطُلْ كاليومِ واليَومينِ، ما لم يَسكتْ لعُذرٍ، وهذا إذا ثَبتَ سُكوتُه بعدَ العِلمِ به بإقرارٍ أو بيِّنةٍ، على أنَّ عِلمَه به لا يُعلَمُ إلا مِنْ قولِه (١).
وقالَ الشافِعيةُ في الأظهَرِ الجَديدِ: النفيُ لنَسبِ وَلدٍ يَكونُ على الفَورِ؛ لأنه شُرعَ لدَفعِ ضَررٍ مُحقَّقٍ، فكانَ على الفَورِ كالردِّ بالعَيبِ وخِيارِ الشُّفعةِ.
وفي القَديمِ قَولانِ: أحَدُهما: يَجوزُ إلى ثَلاثةِ أيامٍ، والثَّاني: له النفيُ متَى شاءَ، ولا يَسقطُ إلا بإسقِاطِه.
والمُرادُ بالنَّفيِ هُنا: أنْ يَحضرَ عندَ الحاكِمِ ويَذكرَ «أنَّ هذا الوَلدَ أو الحَملَ المَوجودَ ليسَ منِّي» معَ الشَّرائطِ المُعتبرةِ، وأما اللِّعانُ فله تَأخيرُه.
ويُعذَرُ المُلاعِنُ في تأخيرِ النفيِ على قَولِ الفَورِ لعُذرٍ، كأنْ بَلغَه الخبَرُ لَيلًا فأخَّرَ حتى يُصبحَ، أو كانَ جائِعًا فأكَلَ، أو عارِيًا فلَبِسَ.
فإنْ كانَ مَحبوسًا أو مَريضًا أو خائفًا ضَياعَ مالٍ أرسَلَ إلى القاضي ليَبعثَ إليه نائبًا يُلاعِنُ عندَه أو ليُعلِمَه أنه مُقيمٌ على النفيِ، فإنْ لم يَفعلْ بَطلَ حَقُّه، فإنْ تَعذَّرَ عليه الإرسالُ أشهَدَ إنْ أمكَنَه، فإنْ لم يُشهِدْ مع تَمكُّنِه منه بَطلَ حقُّه.
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٢٨)، رقم (١٣٥٩)، و «البهجة في شرح التحفة» (١/ ٥٣٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٦/ ١٤، ١٩).