للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن حمَّادٍ عن إبراهيمَ أنه قالَ: إنْ ضُربَ بعدَ ذلكَ -يعني المُلاعِنَ- فهو خاطِبٌ مِنْ الخُطَّابِ، يَتزوَّجُها إنْ شاءَ وشاءتْ.

ولأنا قد وجَدْناهُما في البَدءِ للمَرأةِ أنْ تَطلبَ الزوجَ حتى يُلاعِنَ بينَها وبينَه اللعانَ الذي يُوجبُ الفُرقةَ بينَهُما، ووجَدْنا الزَّوجَ لو أكذَبَ نفْسَه فحُدَّ في ذلكَ ثمَّ طلَبَتِ المَرأةُ فِراقَه بقَولِه الذي كانَ منه لها لم يَكنْ لها ذلكَ، فكانَتِ العِلةُ التي لها يُلاعنُ بينَهُما اللعانَ الذي يَكونُ عنهُ الفُرقةُ بينَهُما هي ثُبوتُ الزَّوجِ على ما كانَ منهُ إلى زَوجتِه، وإنَّ ذلكَ يَزولُ بزَوالِ تلكَ العِلةِ وبإقامةِ الحَدِّ عليه فيما يَجبُ إقامتُه عليهِ، ويَثبُتانِ بعدَ ذلكَ زَوجينِ كما كانَا قبلَ ذلكَ القولِ، فكانَ مثلُ ذلكَ في القياسِ إذا فُرِّقَ بينَهُما بعدَ اللعانِ أنْ يكونَ ذلكَ الحُكمُ المانعُ أنْ يَجتمعَا قائمًا بينَهُما ما كانَ مُقيمًا على القولِ الذي كانَ يُوجبُ اللعانَ في البَدءِ حتَّى تكونَ به الفُرقةِ، وأنْ يكونَ إذا زالَ ذلكَ القولُ ووَسِعَهما أنْ يُقيمَا على ما كانَا عليهِ قبلَ ذلكَ القولِ في البَدءِ أنْ يَكونَ بعدَ الفُرقةِ أيضًا كذلكَ، وأنْ يكونَ المانعُ مِنْ الاجتِماعِ في المُستأنفِ هو الذي كانَ يُوجِبُ اللعانَ الذي يكونُ عنه ضِدُّ الاجتماعِ، وأنْ يكونَ ذلكَ المعنَى إذا زالَ زالَ ما يَمنعُهما مِنْ الاجتِماعِ.

والدليلُ على جَوازِ نِكاحِهما إذا أكذَبَ نفْسَه وحُدَّ حَدَّ القَذفِ عُمومُ الآيِ المُبيحةِ لعُقودِ المُناكَحاتِ، نحوُ قولِه: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وقولِه: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]، وقَولِه: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>