بطَلاقٍ بل هي فَسخٌ -عندَ الحَنابلةِ- مع كَونِها بتَراضيهِما فكيفَ تكونُ فُرقةُ اللِّعانِ طَلاقًا؟! (١).
وذهَبَ الإمامانِ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ إلى أنَّ الفُرقةَ الحاصِلةَ بسَببِ اللعانِ فُرقةُ طَلاقٍ، وتَكونُ فُرقةً بتَطليقةٍ بائِنةٍ، فيَزولُ مِلكُ النكاحِ وتَثبتُ حُرمةُ الاجتهادِ والتَّزويجِ ما دامَا على حالةِ اللعانِ؛ لِما رُويَ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ لمَّا لاعَنَ بينَ عُوَيمرٍ العَجلانِيُّ وبينَ امرَأتِه فقالَ عُويمرٌ: «كَذَبتُ عليها يا رسولَ اللهِ إنْ أمسَكتُها، فهيَ طالقٌ ثلاثًا»، وفي بَعضِ الرِّواياتِ: «كَذَبتُ عليها إنْ لم أُفارِقْها، فهيَ طالقٌ ثلاثًا»، فصارَ طَلاقُ الزَّوجِ عَقيبَ اللِّعانِ سُنةَ المُتلاعنَينِ؛ لأنَّ عُويمرًا طلَّقَ زوْجَتَه ثلاثًا بعدَ اللعانِ عندَ رسولِ اللهِ، فأنفَذَها عليه رسولُ اللهِ ﷺ، فيَجبُ على كل مُلاعِنٍ أنْ يُطلِّقَ، فإذا امتَنعَ يَنوبُ القاضي مَنابَه في التفريقِ، فيكونُ طَلاقًا كما في العِنِّينِ، ولأنَّ سَببَ هذهِ الفُرقةِ قَذفُ الزوجِ؛ لأنه يُوجِبُ اللعانَ، واللعانَ يُوجِبُ التَّفريقَ، والتفريقَ يُوجِبُ الفُرقةَ، فكانَتِ الفُرقةُ بهذهِ الوسائطِ مُضافةً إلى القَذفِ السابقِ، وكلُّ فُرقةٍ تكونُ مِنْ الزوجِ
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «التمهيد» (١٥/ ٣٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٢٠)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٩١)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٦٨٧)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٧٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٧٣٧)، و «المغني» (٨/ ٥٣، ٥٤)، و «الإفصاح» (٢/ ١٩٣)، و «الكافي» (٣/ ٢٨٩)، و «زاد المعاد» (٥/ ٣٩٠، ٣٩١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute