للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الحَنابلةُ فعِندَهم ثَلاثُ رِواياتٍ في المَذهبِ، المُعتمَدُ منها أنه إذا نكَلَتِ الزوجةُ عنِ اللِّعانِ فلا حَدَّ عليها؛ لأنَّ زِناهَا لم يَثبُتْ، فإنه لو ثبَتَ زِناها بلِعانِ الزوجِ لم يُسمَعْ لِعانُها، كما لو قامَتْ به البيِّنةُ، ولا يَثبتُ بنُكولِها؛ لأنَّ الحَدَّ لا يُقضَى فيه بالنُّكولِ؛ لأنه يُدرَأُ بالشُّبهاتِ، والشبهةُ مُتمكِّنةٌ منه، ولكنْ تُحبَسُ حتى تَلتعنَ أو تُقرَّ.

قالَ أحمدُ: أُجبِرُها على اللِّعانِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨)[النور: ٨]، فإنْ لم تَشهدْ وجَبَ أنْ لا يُدرأَ عنها العَذابُ.

ولا يَسقطُ النَّسبُ إلا بالتِعانِهما جَميعًا؛ لأنَّ الفِراشَ قائمٌ والولدَ للفِراشِ.

وعنِ الإمامِ أحمَدَ رِوايةٌ أنه يُخلَّى سَبيلُها، وهو اختِيارُ أبي بكرٍ؛ لأنه لم يَثبتْ عليها ما يُوجِبُ الحَدَّ، فيُخلَّى سَبيلُها، كما لو لم تَكمُلِ البيِّنةُ، وإنْ صدَّقَتْه فيما قذَفَها به لم يَلزمْها الحَدُّ حتى تُقِرَّ أربَعَ مرَّاتٍ؛ لأنَّ الحَدَّ لا يَثبتُ بدُونِ إقرارِ أربَعٍ، وحُكمُها حُكمُ ما لو نكلَتْ، ولا لِعانَ بينَهُما؛ لأنَّ اللعانَ إنما يَكونُ مع إنكارِها، ولا يُستحلَفُ إنسانٌ على نَفيِ ما يُقِرُّ بهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>