للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه سُنَّةٌ، لقولِه : «إِذَا شَكَّ أَحدُكُم في صَلاتِه فَليُلقِ الشَّكَّ وَليَبنِ على اليَقِينِ؛ فَإِنِ استَيقَنَ التَّمَامَ سجدَ سَجدتَينِ؛ فَإِنْ كانَت صَلاتُه تَامَّةً كانَتِ الرَّكعَةُ نَافِلَةً (وَالسَّجدَتَانِ نَافِلَةً)، وَإِنْ كانَت نَاقِصَةً كانَتِ الرَّكعَةُ تَمَامًا لِصَلاتِه، وَالسَّجدَتَانِ تُرغِمَانِ أَنفَ الشَّيطَانِ» (١).

ولأنَّه يُفعَلُ جَبرًا لمَا لا يجبُ فلا يجبُ، والبَدلُ إمَّا كمُبدَلِه وإمَّا أخَفُ.

فإن قيلَ: قَولهُ : «وليَسجُد سَجدتَينِ» ظاهرُه الوُجوبُ، ويَعتَضِدُ بجُبرانِ الحَجِّ، أي: فإنَّه واجِبٌ … قيلَ: إنما وجبَ جُبرانُ الحَجِّ لكَونِه بَدلًا من واجِبٍ بخِلافِ هذا، وسَواءٌ في ذلك صَلاةُ الفَرضِ وصَلاةُ النَّفلِ على المَذهبِ عندَ الشافِعيَّةِ، وعنِ القَديمِ قَولٌ: إنَّه لا يُشرعُ في صَلاةِ النَّفلِ؛ لأنَّها أخَفُّ مِنْ الفَرضِ. قِيلَ: ولا يُعرَفُ هذا لِلشافِعيِّ، بَلْ نصَّ في القَديمِ على أنَّه يَسجُدُ لها (٢).

وأمَّا الإمامُ مالِكٌ فقَد فرَّق بينَ السُّجودِ لِلسَّهوِ في الأفعالِ وبينَ السُّجودِ لِلسَّهوِ في الأقوالِ وبينَ الزِّيادةِ والنُقصانِ، فقالَ: سُجودُ السَّهوِ الذي يَكونُ لِلأفعالِ الناقِصةِ واجِبٌ، وهو عندَهُ مِنْ شُروطِ صحَّةِ الصَّلاةِ، هذا في المَشهورِ، وعنه: أنَّ سُجودَ السَّهوِ لِلنُقصانِ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواهُ أبو دَاودَ (١٠٢٤)، وابنُ ماجَه (١٢١٠)، وابنُ خُزَيمةَ في «صحيحه» (٢/ ١١٠)، وابنُ حِبَّانَ في «صحيحه» (٦/ ٣٨٧).
(٢) «المجموع» (٤/ ١٤٤)، و «النجم الوهاج» (٢/ ٢٤٨)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٦٢)، و «كفاية الأخيار» (١٧٢)، و «المغني» (٢/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>