للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصُورتُه: الكافِرُ أسلَمَتْ زوجَتُه فقبْلَ أنْ يُعرَضَ الإسلامُ على زوجِها قذَفَها بالزِّنا (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ -على تَفصيلٍ عندَهم يأتِي- والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ اللِّعانَ يَمينٌ وليسَ شَهادةً، فيَصحُّ بيْنَ كلِّ زوجَينِ، سَواءٌ كانَا مُسلمَينِ أم كافرَينِ، أو كانَ الزوجُ مُسلمًا والزوجةُ كِتابيةً.

والدَّليلُ على أنَّ اللِّعانَ يَمينٌ وليسَ شَهادةً ما رُويَ عنِ النبيِّ قالَ في زَوجةِ هِلالَ بنِ أُميَّةَ حينَ جاءَتْ بوَلدِها على النَّعتِ المَكروهِ: «لَولا الأيمانُ لَكانَ لي ولَها شَأنٌ» (٢)، فسَمَّى اللِّعانَ يَمينًا، ولأنه لا يَجوزُ أنْ يَشهدَ الإنسانُ لنَفسِه وإنْ جازَ أنْ يَحلفَ لها، وكلُّ واحِدٍ مِنْ الزوجَينِ يُلاعِنُ عن حقٍّ لنَفسِه، فثبَتَ أنه يَمينٌ وليسَ بشَهادةٍ، ولأنه لو كانَ شهادةً لَمَا لَزمَ تَكرارُه أربعًا؛ لأنَّ الشهادةَ لا تكرَّرَ والأَيمانَ قد تَكرَّرُ، ولأنَّ الشهادةَ لا يَتضمَّنُها لَعنٌ ولا غَضبٌ، ولأنَّ المَرأةَ لا تُساوِي الرجلَ في الشهادةِ وتُساوِيه في الأَيمانِ، وهي في اللِّعانِ مُساوِيةٌ للرَّجلِ، فثبَتَ أنه يَمينٌ، ولأنَّ لفْظَ اللِّعانِ أنْ يَقولَ: «أشهَدُ باللهِ»، ولا خِلافَ أنَّ قولَ الإنسانِ في غَيرِ اللِّعانِ: «أشهَدُ باللهِ» أنه يَمينٌ، فكذلكَ في اللِّعانِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٢، ٢٤٣)، ويُنظَر: «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٧٨)، و «العناية» (٦/ ٥٧)، و «المغني» (٨/ ٤٠)، و «الكافي» (٣/ ٢٢٧)، و «المبدع» (٨/ ٨٢)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٤٢، ٢٤٣).
(٢) رواه أبو داود (٢٢٥٦)، والإمام أحمد في «مسنده» (٢١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>