ولأنَّ المَقصودَ القُربةُ بها، والكُفرُ يُنافِيها؛ لأنَّ الكفَّارةَ حقُّ اللهِ تَعالى، فلا يُجوزُ صَرفُها إلى عدَّوِه (١).
وذهَبَ الحَنفيةُ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنه تُجزِئُ في كفَّارةِ الظِّهارِ أيُّ رَقبةٍ، سَواءٌ كانَتْ مُؤمِنةً أم كافِرةً؛ لأنَّ اللهَ تَعالى أطلَقَ الرَّقبةَ في هذهِ الكفَّارةِ عَنْ قَيدِ الإيمانِ في الرَّقبةِ بقَولِه تَعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾، فوجَبَ أنْ يُجزِئَ ما تَناولَه الإطلاقُ.
قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀: وأمَّا في كفَّارةُ القَتلِ فلا يَجوزُ فيها إلا المُؤمِنةُ بالإجماعِ، وقالَ الشافعيُّ ﵁: لا يَجوزُ في الكفَّاراتِ كلِّها إلَّا المُؤمِنةُ.
والأصلُ فيهِ أنَّ النَّصَّ الوارِدَ في كفَّارةِ اليَمينِ وكفَّارةِ الظِّهارِ مُطلَقٌ عن قَيدِ إيمانِ الرَّقبةِ، والنَّصَّ الوارِدَ في كفَّارةِ القَتلِ مُقيَّدٌ بقَيدِ الإيمانِ، فحمَلَ الشافِعيُّ ﵀ المُطلَقَ على المُقيَّدِ، ونَحنُ أَجرَينا المُطلَقَ على إطلاقِه والمُقيَّدَ على تَقييدِه.
(١) «الموطأ» (٢/ ٧٧٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٠٢، ٥٠٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٤٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٧٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٨٠)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ٤٦٢، ٤٦٣)، و «البيان» (١٠/ ٣٦٣، ٣٦٤)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٦٠١)، و «النجم الوهاج» (٨/)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٧٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ١٠٦)، و «الديباج» (٣/ ٥١٣)، و «المغني» (٨/ ١٧، ١٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٥٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٤١)، و «منار السبيل» (٣/ ١٤١).