للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ: «خُذْ هذا فتَصدَّقْ به»، فقالَ: فهلْ أفقَرُ مِنِّي ومِن أهلِ بَيتي؟ فقالَ النبيُّ : «كُلْهُ أنتَ وأهلَ بَيتِكَ» (١).

فمَوضعُ الدَّليلِ أنَّ النبيَّ ملَّكَه التَّمرَ وأمَرَه أنْ يَتصدَّقَ به عَنْ كفَّارتِه، ثمَّ أخبَرَه الرَّجلُ أنه مُحتاجٌ إليهِ، فأباحَ له أكْلَهُ ولم يُلزمْه إخراجَه مع وُجودِه، فدَلَّ على أنَّ ما تَستغرِقُه حاجتُه .. لا يَلزمُه إخراجُه؛ لأنه وجَدَ ما تَستغرِقُه حاجتُه، فكانَ كالعادِمِ له في جَوازِ الانتقالِ إلى بَدلِه، كما لو وجَدَ ماءً وهو مُحتاجٌ إليهِ لعَطشِه.

وقالَ المالِكيةُ: إذا كانَ في مِلكِه رَقبةٌ إلا أنه كانَ مُحتاجًا إليها لخِدمةٍ أو لأنه لا يَملِكُ غيرَها لَزمَه إعتاقُها ولم يُجْزِه الصِّيامُ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣] ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [المجادلة: ٤] وهذا واجِدٌ، ولأنه واجِدٌ لرَقبةٍ يَجوزُ إعتاقُها في الظِّهارِ، فلَم يَجُزْ له العُدولُ إلى الصَّومِ، أصلُه إذا كانَ مُستَغنِيًا عنها.

٣ - إذا لم يَكنْ في مِلكِه عَينُ رَقبةٍ وله فَضلُ مالٍ على كِفايتِه غيرُ مُحتاجٍ إليهِ يَجبُ عليهِ رَقبةٌ صالِحةٌ للتَّكفيرِ باتِّفاقِ الفُقهاءِ؛ لأنه يَكونُ واجِدًا مِنْ حَيثُ المَعنى؛ لأنَّ كلَّ حقٍّ تَعلَّقَ بالذِّمةِ فإنَّ قُدرتَه على ثَمنِه وشِرائِه كالقُدرةِ عليهِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحُ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>