تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المجادلة: ٣] الآيَة، فإذا أمسَكَها زَوجةً .. فقَدْ عادَ فيما قالَ؛ لأنَّ تَشبيهَها بأمِّه يَقتضي أنْ لا يُمسِكَها زَوجةً، فإذا أمسَكَها زَوجةً .. فقدْ عادَ فيما قالَ؛ لأنَّ العَودَ للقَولِ مُخالَفتُه، يُقالُ:«قالَ فُلانٌ قَولًا ثمَّ عادَ له، وعادَ فيهِ» أي: خالَفَه ونقَضَه، وهو قَريبٌ مِنْ قَولِهم:«عادَ في هِبتِه».
فعَلى هذا: لو أمكَنَه أنْ يُطلِّقَها فلمْ يَفعلْ لَزمَتْه الكفَّارةُ، وكذلكَ لو ماتَ أو ماتَتْ، وأمَّا إنْ ماتَ قبلَ زمانِ العَودِ -وهو أنْ يَموتَ عَقيبَ ظِهارِه قبلَ أنْ يَمضيَ عليه زَمانُ طلاقِها، أو تَموتَ الزوجةُ بأنِ اتَّصلَ بالظِّهارِ المَوتُ، أو فُرقةٌ بسَببِ فَسخٍ للنكاحِ بسَببِه أو بسَببِها، أو بانفِساخٍ كردَّةٍ قبلَ الدُّخولِ، أو فُرقةٍ بسَببِ طلاقٍ بائِنٍ أو رَجعيٍّ- ولم يُراجِعْ أو جُنَّ الزوجُ عَقيبَ ظِهارِه فلا عَودَ ولا كفَّارةَ عليه في جَميعِ ما ذُكِرَ؛ لأنه ما أمسَكَها بعدَ الظِّهارِ ولا قدَرَ على طَلاقِها بالمَوتِ (١).
وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ العَودَ هو الوَطءُ في الفَرجِ، فمتَى وَطئَ لَزمَتْه الكفَّارةُ، ولا تَجبُ قبلَ ذلكَ، إلا أنها شَرطٌ لحِلِّ الوَطءِ، فيُؤمَرُ بها مَنْ أرادَه ليَستحِلَّه بها كما يُؤمَرُ بعَقدِ النكاحِ مَنْ أرادَ حِلَّ المَرأةِ.
(١) «الأم» (٥/ ٢٧٩)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ٤٤٣، ٤٥٠)، و «المهذب» (٢/ ١١٣)، و «البيان» (١٠٣٤٧، ٣٤٩)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٨٨، ٥٨٩)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٥٤، ٥٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٣٨، ٣٩)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٦٤، ٦٦٦)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٩٩، ١٠٠)، و «الديباج» (٣/ ٥٠٨، ٥٠٩).