للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيُمسِكُها مدَّةً لا يُفهَمُ منها الفِراقُ فَورًا، فليسَ المُرادُ الإمساكَ أبدًا، بل مُدَّةً ولو أقَلَّ مِنْ سَنةٍ، قَولانِ لمالِكٍ شُهِّرَ كلٌّ منهُما.

وفائِدةُ الخِلافِ تَظهرُ إذا عزَمَ على الوَطءِ والإمساكِ ثمَّ طلَّقَ أو ماتَتْ، فعِندَ ابنِ رُشدٍ تَسقطُ الكفَّارةُ، وعندَ عِياضٍ لا تَسقطُ، وكَذا إنْ كفَّرَ بعدَ أنْ بانَتْ منهُ، فعندَ ابنِ رُشدٍ لا تُجزِئُه، وعندَ عِياضٍ تُجزئُه.

وسقَطَتِ الكفَّارةُ المُترتِّبةُ على العَودِ إذا عزَمَ عليه ولم يطَأْ حتى طلقَتْ طَلاقًا بائِنًا أو ماتَتْ أو ماتَ، وأمَّا الرَّجعيُّ فإنه لا يُسقِطُها فيَستمِرُّ الخِطابُ في العدَّةِ، وليسَ المُرادُ بسُقوطِ الكفَّارةِ عدَمَ المُطالَبةِ بها وإنْ عادَتْ لعِصمتِه، وإنَّما المُرادُ: لا يُخاطَبُ بها قبلَ عَودِها لعِصمتِه، وأمَّا بعدَه فلا يَقربُها حتى يُكفِّرَ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ العَوْدَ هو أنْ يُمسِكَها بعدَ الظِّهارِ زَوجةً زَمانًا يُمكِنُه أنْ يُطلِّقَها فيه فلا يُطلِّقَ، فإذا أتَتْ على المُتظاهِرِ مُدَّةٌ بعدَ القَولِ بالظِّهارِ لم يُحرِّمْها بالطلاقِ الذي تَحرمُ بهِ وجَبَتْ عليه الكفَّارةُ؛ لأنه إذا أمسَكَ ما حرَّمَ على نفسِه فقدْ عادَ لِمَا قالَ فخالَفَه فأحَلَّ ما حرَّمَ؛ لقَولِه


(١) «الموطأ» (٢/ ٥٦٠)، و «الكافي» (٢٨٣)، و «الاستذكار» (٦/ ٥٦، ٥٧)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٩٠، ٤٩٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٧٩، ٨٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٤٧)، و «مواهب الجليل» (٥/)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١١٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٧٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٧٨، ٢٧٩)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٣٢، ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>