للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حرَّمُوا على أنفُسِهم وذلكَ بالعَزمِ على الوَطءِ؛ لأنَّ ما قالَه المُظاهِرُ هو تَحريمُ الوَطءِ، فكانَ العَوْدُ لنَقضِه وفَسخِه استباحةَ الوَطءِ.

فتَجبُ الكفَّارةُ إذا قصَدَ وطْأَها بعدَ الظِّهارِ، كأنه تَعالى قالَ: إذا عزَمْتَ على الوَطءِ فكَفِّرْ قبلَه، كما قالَ : ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ [المائدة: ٦]، وقَولِه سُبحانَه: ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا﴾ [المجادلة: ١٢]، ونَحوِ ذلكَ.

فإذا رَضيَ أنْ تَكونَ مُحرَّمةً عليه ولَم يَعزِمْ على وَطئِها لا تَجبُ عليهِ الكفَّارةُ، ويُجبَرُ على التَّكفيرِ دَفعًا للضَّررِ عنها.

فإنْ عزَمَ على وَطئِها وجَبَتِ الكفَّارةُ، فإنْ عزَمَ بعدَ ذلكَ أنْ لا يطَأَها سقَطَتْ، وكذا إذا ماتَ أحَدُهما بعدَ العَزمِ وقبلَ الوَطءِ.

فإنْ كفَّرَ عن ظِهارِه وهي مُبانةٌ أو تحتَ زَوجٍ آخَرَ أجزَأهُ (١).

فحَقيقةُ قَولِ الحَنفيةِ أنه لا يَجبُ عليهِ الكفَّارةُ إلا إذا وطَأَ زَوجتَه.

وأمَّا المالِكيةُ فقَدِ اختَلفُوا: هل المَقصودُ بالعَودِ في قَولِه تَعالى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] هل هو العَزمُ على الوَطءِ والتَّصميمُ عليهِ؟ أم هو العَزمُ على الوَطءِ مع نيَّةِ الإمساكِ في العِصمةِ؟ أي: لا يُفارِقُها على الفَورِ


(١) «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢١٤)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٣٥)، و «أحكام القرآن» (٥/ ٣٠٣)، و «المبسوط» (٦/ ٢٢٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٣٣)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٩)، و «اللباب» (٢/ ١٢٣)، و «فتاوى السغدي» (١/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>