للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه يَلزمُها كفَّارةُ الظِّهارِ؛ لِمَا روَى الأثرَمُ بإسنادِه عَنْ إبراهيمَ «أنَّ عائِشةَ بنتَ طَلحةَ قالَتْ: إنْ تَزوَّجتُ مُصعبَ بنَ الزُّبيرِ فهو عليَّ كظَهرِ أبِي، فسألَتْ أهلَ المَدينةِ فرَأَوا أنَّ عَليها الكفَّارةَ» (١).

ورَوى عليُّ بنُ مُسهِرٍ عنِ الشَّيبانِيِّ قالَ: كنْتُ جالِسًا في المَسجدِ أنا وعَبدُ اللهِ بنُ المُغفَّلِ المُزَنِيُّ فَجاءَ رَجلٌ حتى جلَسَ إلَينا فسألتُه: مَنْ أنتَ؟ فقالَ: أنا مَولًى لعائِشةَ بنتِ طَلحةَ التي أعتَقتْني عن ظِهارِها، خطَبَها مُصعبُ بنُ الزُّبيرِ فقالَتْ: هو عليَّ كظَهرِ أبي إنْ تَزوَّجتُه، ثمَّ رَغبَتْ فيهِ فاستَفتَتْ أصحابَ رَسولِ اللهِ وهُم يَومَئذٍ كَثيرٌ فأمَرُوها أنْ تُعتِقَ رَقبةً وتَتزوَّجَه، فأعتَقتْنِي وتَزوَّجتْه».

ولأنها زَوجٌ أتَى بالمُنكَرِ مِنْ القَولِ والزُّورِ، فلَزمَه كفَّارةُ الظِّهارِ كالآخَرِ، ولأنَّ الواجِبَ كفَّارةُ يَمينٍ، فاستَوى فيها الزَّوجانِ كاليَمينِ باللهِ تعالى.

فعَلى هذا: لا تَجبُ عليها الكفَّارةُ حتى يطَأَها وهي مُطاوِعةٌ، فإنْ طلَّقَها أو ماتَ أحَدُهما قبلَ وَطئِها أو إكراهِها على الوَطءِ فلا كفَّارةَ عليها؛ لأنها يَمينٌ فلا تَجبُ كفَّارتُها قبلَ الحِنثِ فيها كسائِرِ الأيمانِ، ولا يَجبُ


(١) صَحِيحُ: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٦/ ٤٤٤)، رقم (١١٥٩٦)، و «الدارقطني (٤/ ٤٩٥) وفي إسنادِه مُغيرةُ بنُ مقسمٍ (مُدلِّسٌ، ولاسيِّما عن إبراهيمَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>