تَقديمُها قبلَ المَسيسِ ككَفَّاراتِ سائرِ الأيمانِ، ويَجوزُ تَقديمُها لذلكَ، وعليها تَمكينُ زَوجِها مِنْ وَطئِها قبلَ التَّكفيرِ؛ لأنه حَقٌّ له عليها فلا يَسقطُ بيَمينِها، ولأنه ليسَ بظِهارٍ، وإنَّما هو تَحريمٌ لحَلالٍ، فلا يُثبِتُ تَحريمًا كما لو حَرَّمَ طَعامَه، قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وحُكيَ أنَّ ظاهرَ كَلامِ أبي بَكرٍ أنها لا تُمكِّنُه قبلَ التكفيرِ؛ إلحاقًا بالرَّجلِ.
وليسَ ذلكَ بجيِّدٍ؛ لأنَّ الرَّجلَ الظِّهارُ منه صَحيحٌ، ولا يَصحُّ ظِهارُ المرأةِ، ولأنَّ الحِلَّ حقُّ الرَّجلِ، فملَكَ رفْعَه، والحِلُّ حقٌّ عليها، فلا تَملكُ إزالَتَه (١).
وذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ وأحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ عليها كفَّارةَ يَمينٍ، بمَنزلةِ مَنْ حرَّمَ على نفسِه شَيئًا مثلَ الطَّعامِ وما أشبَهَه، قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وهذا أقيَسُ على مَذهبِ أحمَدَ وأشبَه بأصُولِه؛ لأنه ليسَ بظِهارٍ، ومُجرَّدُ القَولِ مِنْ المُنكَرِ والزُّورِ لا يُوجِبُ كفَّارةَ الظهارِ، بدَليلِ سائرِ الكَذبِ والظِّهارِ قبلَ العَوْدِ والظهارِ مِنْ أمَتِه وأمِّ ولَدِه، ولأنه تَحريمٌ لا يُثبِتُ التحريمَ في المَحلِّ، فلمْ يُوجِبْ كفَّارةَ الظهارِ كتَحريمِ سائرِ الحَلالِ، ولأنه ظِهارٌ مِنْ غيرِ امرَأتِه، فأشبَهَ الظهارَ مِنْ أمَتِه، وما رُويَ عن عائِشةَ بنتِ طَلحةَ
(١) «المغني» (٣/ ٣٥)، و «الكافي» (٣/ ٢٥٩)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠٠، ٢٠١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٣٢، ٤٣٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٤٥٠، ٥٤١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥١١)، و «منار السبيل» (٣/ ١٣٦، ١٣٧).