قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ ﵀: لو قالَ الرَّجلُ لامرَأتِه: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» لم يَقعْ بهِ طلاقٌ حتَّى يُريدَ الطَّلاقَ، فإذا أرادَ بهِ الطَّلاقَ فهوَ طلاقٌ، وهو ما أرادَ مِنْ عَددِ الطَّلاقِ، وإنْ أرادَ طلاقًا ولَم يُرِدْ عَددًا مِنَ الطَّلاقِ فهي واحدةٌ يَملِكُ الرَّجعةَ، وإنْ قالَ: «أردْتُ تَحريمَها بلا طلاقٍ» لم تَكنْ حَرامًا، وكانَتْ عليهِ كفَّارةُ يَمينٍ، ويُصيبُها إنْ شاءَ قبْلَ أنْ يُكفِّرَ، وإنَّما قُلنا عليهِ كفَّارةُ يَمينٍ إذا أرادَ تَحريمَها ولَم يُرِدْ طلاقَها؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ حرَّمَ جاريتَه فأُمِرَ بكفَّارةِ يَمينٍ، واللهُ تعالَى أعلَمُ.
قالَ اللهُ تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ١، ٢] الآيَة، فلمَّا لَم يُرِدِ الزَّوجُ بتَحريمِ امرَأتهِ طلاقًا كانَ أَوْقعَ التَّحريمَ على فَرْجٍ مُباحٍ لهُ لمْ يَحرُمْ بتَحريمِه، فلَزمَتهُ كفَّارةٌ فيهِ كما لَزِمَ مَنْ حرَّمَ أمَتَه كفَّارةٌ فيها، ولَم تَحرُمْ عليهِ بتَحريمِه؛ لأنهُما معًا تَحريمٌ لفَرْجَينِ لم يَقعْ بواحدٍ مِنهُما طلاقٌ، ولو قالَ: «كلُّ ما أَملِكُ عليَّ حَرامٌ» -يَعني امرأتَه وجَوارِيه ومالَهُ- كفَّرَ عَنِ المرأةِ والجَوارِي كفَّارةً كفَّارةً إذا لمْ يُرِدْ طلاقَ المَرأةِ، ولو قالَ: «مَالي عليَّ حَرامٌ» لا يُريدُ امرَأتَه ولا جَوارِيه لَم يكنْ عليهِ كفَّارةٌ، ولم يَحرُمْ عليهِ مالُه (١).
(١) «الأم» (٥/ ٢٦٢)، ويُنظَر: «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٨٢، ١٨٣)، و «المهذب» (٢/ ٨٣)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٧٣، ٧٤)، و «الأوسط» (٩/ ١٨٨، ١٩٥)، و «الإشراف» (٥/ ٢٠٠، ٢٠٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute