للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» فإنْ أرادَ بهِ الطَّلاقَ كانَ طلاقًا؛ لأنَّهُ يَحتمِلُ التَّحريمَ بالطَّلاقِ، ويَقعُ مِنْ عَددِه ما نواهُ مِنْ واحِدةٍ أو اثنتَينِ أو ثَلاثٍ، وإنْ لم يَنوِ عَددًا كانَتْ واحِدةً رَجعيَّةً، وإنْ أرادَ بهِ الظِّهارَ كانَ ظِهارًا؛ لأنهُ يَحتمِلُ التَّحريمَ بالظِّهارِ، وإنْ أرادَ بهِ الإيلاءَ لم يَكنْ إيلاءً؛ لأنَّ الإيلاءُ يَمينٌ لا يَنعقِدُ بالكِنايةِ.

وإنْ أرادَ بهِ تَحريمَ وطْئِها لم يَحرمْ، وعليهِ كفَّارةُ يَمينٍ؛ لِمَا رَوى سَعيدُ ابنُ جُبيرٍ قالَ: جاءَ رَجلٌ إلى ابنِ عبَّاسِ فقالَ: إنِّي جَعلْتُ امرأتِي عليَّ حَرامًا، قالَ: كَذبْتَ، ليسَتْ عليكَ بحَرامٍ، ثمَّ تَلا: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ١، ٢] إلى آخِرِ الآيَةِ، ويَجبُ عليهِ بذلكَ كفَّارةُ يَمينٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ حَرَّمَ ماريةَ القبطيَّةَ أمَّ إبراهِيمَ بنِ رَسولِ اللهِ فأنزَلَ الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ﴾ [التحريم: ١، ٢]، فوَجبَتِ الكفَّارةُ في الأمَةِ بالآيةِ، وقِسْنا الحُرَّةَ عليها؛ لأنها في مَعناها في تَحليلِ البُضعِ وتَحريمِه.

وإنْ لَم يَكنْ لهُ إرادةٌ لم يَتعلَّقْ بهِ طلاقٌ ولا ظِهارٌ ولا تَحريمٌ، وهل تَجبُ بهِ كفَّارةُ يَمينٍ أم لا؟ على قَولَينِ: أحَدُهما: يَجبُ عَليهِ الكفَّارةُ، والثَّاني: لا يَجبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>