للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُقبَلُ مِنهُ، قالَ مالِكٌ: إنَّما يُؤخَذُ النَّاسُ بما لفَظَتْ به ألسِنَتُهم مِنْ أمرِ الطلاقِ، (قالَ ابنُ القاسِمِ): والحَرامُ عِنْدَ مالِكٍ طلاقٌ، ولا يَدِينُ في الحَرامِ كما لا يَدِينُ في الطلاقِ …

(قُلتُ): أرَأيتَ إنْ قالَ لها: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» يَنوِي بذلكَ تَطليقةً أو تَطليقتَينِ، أيَكونُ ذلكَ لهُ في قولِ مالِكٍ؟ (قالَ): قالَ مالِكٌ: إنْ كانَ قَدْ دخَلَ بها فهيَ البَتَّةُ، وليسَ نيَّتُه بشيءٍ، فإنْ لَم يَدخُلْ بها فذلكَ لهُ؛ لأنَّ الواحِدةَ والاثنتَينِ تُحرِّمُ الَّتي لم يُدخَلْ بها، والمَدخولُ بها لا يُحرِّمُها إلا الثلاثُ …

(قُلتُ): أرَأيتَ إذا قالَ لامرأتِهِ: «قدْ حرَّمتُكِ عليَّ، أو قَدْ حَرَّمْتُ نَفسِي عليكِ» أهوَ سواءٌ في قَولِ مالِكٍ؟ (قالَ): نَعمْ؛ لأنَّ مالِكًا قالَ: إذا قالَ: «قدْ طَلَّقتُكِ، أو أنا طالِقٌ مِنكِ» إنَّ هذا سَواءٌ وهيَ طالِقٌ، (قُلتُ): أرَأيتَ إنْ قالَ قبْلَ الدُّخولِ بها: «أنتِ عليَّ حَرامٌ»، (قالَ): هي ثَلاثٌ في قَولِ مالِكٍ، إلَّا أنْ يكونَ نوى واحِدةً أو اثنتَينِ فيَكونُ ذلكَ كما نَوى (١).

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : والحُجَّةُ لمالِكٍ ومَن ذهَبَ مَذهبَهُ في الحَرامِ إجماعُ العُلماءِ أنَّ مَنْ طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا أنها تَحرُمُ عليهِ، فلمَّا كانَتِ الثَّلاثُ تَحريمًا كانَ تَحريمٌ ثلاثًا، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٩٣، ٣٩٤)، ويُنظَر: «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤٠١، ٤٠٢)، و «الكافي» ص (٢٦٥)، و «الاستذكار» (٦/ ١٦، ٢٢)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٥٨، ٥٩).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>