ويُفارِقُ فُرقةَ العُنَّةِ؛ لأنها فَسخٌ لعَيبٍ، وهذه طَلقةٌ، ولأنه لو أُبيحَ له ارتِجاعُها لم يَندفعْ عنها الضررُ، وهذهِ يَندفعُ عنها الضررُ، فإنه إذا ارتَجعَها ضُربَتْ له مدَّةٌ أُخرى، ولأنَّ العنِّينَ قد يُئِسَ مِنْ وَطئِه فلا فائِدةَ في رَجعتِه، وهذا غيرُ عاجِزٍ، ورَجعتُه دَليلٌ على رَغبتِه وإقلاعِه عن الإضرارِ بها، فافتَرقَا (١).
إلا أنَّ المالِكيةَ قالوا: المُولي إذا طلَّقَ الحاكِمُ عليهِ زوْجتَه التي دخَلَ بها فله أنْ يُراجِعَها ما دامَتِ العدَّةُ باقِيةً بشَرطِ انحِلالِ اليَمينِ عنه في العدَّةِ، وانحِلالُها يَكونُ إمَّا بالوَطءِ في العدَّةِ وإمَّا بتَكفيرِ ما يُكفَّرُ في العدَّةِ، كما إذا كانَتْ يَمينُه باللهِ، وإمَّا بتَعجيلِ الحِنثِ في العدَّةِ كعِتقٍ وطَلاقٍ بائنِ وما أشبَهَ ذلكَ.
ومثلُ انحِلالِ الإيلاءِ رضَا الزوجةِ المُولَى منها، كما هو قولُ ابنِ القاسِمِ ومُطرِّفٍ وعَبدِ المَلكِ، خِلافًا لسحنونٍ فإنه يَقولُ: إنَّ رَجعتَها باطلةٌ معَ الرِّضَا.
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٦٨)، رقم (١٢٨١)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٣٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٠٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٦١)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٥٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢٩)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٩٢)، و «المغني» (٧/ ٤٣٥، ٤٣٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٠٠)، و «الإنصاف» (٩/ ١٨٩، ١٩٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٢٧).