للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلكَ فهوَ خاطِبٌ مِنْ الخُطَّابِ ما لم تَكنْ تَكملةَ الثلاثِ؛ لأنها فُرقةٌ لدَفعِ الضَّررِ، فكانَ بائنًا كفُرقةِ العُنَّةِ، ولأنها لو كانَتْ رَجعيةً لم يَندفعِ الضررُ؛ لأنه يَرتجُعها فيَبقى الضررُ.

ولِما رُويَ عن عُثمانَ وعَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ وعَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ وزَيدِ بنِ ثابتٍ أنهم قالُوا: «إذا مضَتْ أربَعةُ أشهُرٍ فهي تطليقةٌ بائِنةٌ» (١).

ولأنَّ الطلاقَ إنَّما يقَعُ عندَ مُضيِّ المدَّةِ دفعًا للظُّلمِ، فلا يَندفعُ الظُّلمُ عنها إلا بالبائنِ لتَتخلَّصَ عنه فتَتمكَّنَ مِنْ استِيفاءِ حقِّها مِنْ زَوجٍ آخَرَ، ولا يُتخلَّصُ إلا بالبائنِ، ولأنَّ القولَ بوُقوعِ الطلاقِ الرجعيِّ يُؤدِّي إلى العبَثِ؛ لأنَّ الزوجَ إذا أبَى الفَيءَ والتَّطليقَ يُقدَّمُ إلى الحاكمِ ليُطلِّقَ عليهِ الحاكمُ عندَه، ثمَّ إذا طلَّقَ عليهِ الحاكمُ يُراجعُها الزوجُ، فيَخرجُ فِعلُ الحاكمِ مَخرجَ العبَثِ وهذا لا يَجوزُ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ و (الحَنابلةُ في المَذهبِ في غَيرِ تَطليقِ الحاكمِ) إلى أنَّ الطلاقَ الواقِعَ على المُولي بعدَ مُضيِّ مدَّةِ الإيلاءِ مِنْ غيرِ فيءٍ طلاقٌ رَجعيٌّ، سواءٌ طلَّقَ بنَفسِه أو طلَّقَ عليهِ الحاكِمُ ما لم يَكملِ الثلاثُ؛ لأنه طلاقٌ صادَفَ مَدخولًا بها مِنْ غيرِ عِوضٍ ولا استيفاءِ عَددٍ، فكانَ رَجعيًّا كالطلاقِ في غَيرِ الإيلاءِ.


(١) يُنظَر: «مصنف بن ابي شيبة» (٤/ ١٢٧، ١٢٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٧٧)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٤٧٤)، و «الاختيار» (٣/ ١٨٨)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٤٩٩)، و «اللباب» (٢/ ١٠٨)، و «المغني» (٧/)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٠٠)، و «الإنصاف» (٩/ ١٨٩، ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>