قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإذا انقضَتِ المدَّةُ فلها المُطالَبةُ بالفَيئةِ إنْ لم يَكنْ عُذرٌ، فإنْ طالَبتْه فطلَبَ الإمهالَ فإنْ لم يَكنْ له عُذرٌ لم يُمهَلْ؛ لأنه حقٌّ توجَّهَ عليه لا عُذرَ له فيهِ، فلمْ يُمهَلْ به كالدَّينِ الحالِّ، ولأنَّ اللهَ تَعالى جعَلَ المدَّةَ أربعةَ أشهُرٍ، فلا تَجوزُ الزِّيادةُ عليها بغَيرِ عُذرٍ، وإنَّما يُؤخَّرُ قدْرَ ما يَتمكَّنُ مِنْ الجِماعِ في حُكمِ العادةِ، فإنه لا يَلزمُه الوَطءُ في مَجلسِه، وليسَ ذلكَ بإمهالٍ، فإنْ قالَ:«أمهِلُوني حتى آكُلَ فإني جائِعٌ، أو يَنهضِمَ الطَّعامُ فإني كَظِيظٌ، أو أُصلِّيَ الفرضَ، أو أُفطِرَ مِنْ صَومي» أُمهلَ بقَدرِ ذلكَ، فإنه يُعتبَرُ أنْ يَصيرَ إلى حالٍ يُجامعُ في مِثلِها في العادةِ، وكذلك يُمهَلُ حتى يَرجعَ إلى بَيتِه، وإنْ كانَ لها عُذرٌ يَمنعُ مِنْ وَطئِها لم يَكنْ لها المُطالَبةُ بالفَيئةِ؛ لأنَّ الوَطءَ مُمتنِعٌ مِنْ جهتِها، فلم يَكنْ لها مُطالَبتُه بما يَمنعُه منه، ولأنَّ المُطالَبةَ مع الاستِحقاقِ، وهي لا تَستحقُّ الوَطءَ في هذه الأحوالِ، وليسَ لها المُطالَبةُ بالطلاقِ؛ لأنه إنَّما يُستحقُّ عندَ امتِناعِه مِنْ الفَيئةِ الواجِبةِ ولم يَجبْ عليه شَيءٌ، ولكنْ تَتأخَّرُ المُطالَبةُ إلى حالِ زَوالِ العُذرِ إنْ لم يَكنِ العُذرِ قاطِعًا للمدَّةِ كالحَيضِ، أو كانَ العُذرُ حدَثَ بعدَ انقِضاءِ المدَّةِ (١).