للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّلمُ ويَصلُ الحقُّ إلى المُستحِقِّ، فما لم يُوفِّ حقَّها لا يَسقطُ حُكمُ الإيلاءِ، فإذا جامَعَ الزوجُ زَوجتَه التي آلَى مِنها فقَدِ انحَلَّ الإيلاءُ.

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : وأجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنهُ مِنْ أهلِ العلمِ على أنَّ الفَيءَ الجِماعُ، كذلكَ قالَ ابنُ عبَّاسٍ، ورُويَ ذلكَ عن عَليٍّ وابنِ مَسعودٍ، وبهِ قالَ مَسروقٌ والشعبيُّ وسَعيدُ بنُ جُبيرٍ وعطاءٌ والنخَعيُّ والثَّوريُّ والأوزاعيُّ والشافعيُّ وإسحاقُ وأبو عَبيدٍ وأصحابُ الرأيِ: أنَّ الفَيءَ الجِماعُ إذا لم يَكنْ له عُذرٌ (١).

وقالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجَصاصُ : أهلُ العلمِ متَّفِقونَ على أنه إذا أمكَنَه الوُصولُ إليها لم يَكنْ فَيئُه إلا الجِماعَ (٢).

وأدنَى الوَطءِ الذي تَحصلُ بهِ الفَيئةُ أنْ تُغيَّبَ الحَشفةُ في الفَرجِ، فإنَّ أحكامَ الوَطءِ تَتعلَّقُ به.

ولا يَحصلُ الفَيءُ إلا بالجِماعِ، حتى لو جامَعَها فيما دُونَ الفَرجِ أو في الدُّبرِ أو قبَّلَها بشَهوةٍ أو لمَسَها لشَهوةٍ أو نظَرَ إلى فَرجِها عن شَهوةٍ لم يَكنْ فَيئةً؛ لأنه ليسَ بمَحلوفٍ على تَركِه ولا يَزولُ الضَّررُ بفِعلِه؛ ولأنَّ حقَّها في الجِماعِ في الفَرجِ، فصارَ ظالمًا بمَنعِه، فلا يَندفعُ الظُّلمُ إلا به، فلا يَحصلُ الفَيءُ -وهو الرُّجوعُ- عمَّا عزَمَ عليهِ عندَ القُدرةِ إلا به (٣).


(١) «الإشراف» (٥/ ٢٧٨)، و «الإجماع» ص (٨٣)، رقم (٤٢٤)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٤٥)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ١٠٩)، و «المغني» (٧/ ٤٣٢).
(٢) «أحكام القرآن» (٢/ ٤٧).
(٣) «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢٠٦)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٧٣)، و «أحكام القرآن» (٢/ ٤٧)، و «المدونة الكبرى» (٦/ ٩٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٣٤)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٩٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٥٧، ٣٥٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٥٤)، و «البيان» (١٠/ ٣١٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢٨)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٤٥)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٩٠)، و «الديباج» (٣/ ٥٠٠)، و «المغني» (٧/ ٤٣٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>