للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسَ بمُولٍ، فلم تُضربْ له مدَّةٌ كما لو لم يَقصدِ الإضرارَ، ولأنَّ تَعليقَ الحُكمِ بالإيلاءِ يَدلُّ على انتِفائِه عندَ عدَمِه؛ إذْ لو ثبَتَ هذا الحُكمُ بدُونِه لم يَكنْ لهُ أثرٌ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ في أشهَرِ الرِّوايتَينِ -وهيَ الصَّوابُ- إلى أنه تُضربُ له مدَّةُ الإيلاءِ أربَعةُ أشهُرٍ، فإنْ وَطئَها وإلا دُعيَ بعدَها إلى الوَطءِ، فإنِ امتَنعَ منه أُمرَ بالطلاقِ كما يُفعلُ في الإيلاءِ سَواءٌ؛ لأنه أضَرَّ بها بتَركِ الوَطءِ في مدَّةِ الإيلاءِ، فيُلزَمُ حُكمَه كما لو حلَفَ، ولأنَّ ما وجَبَ أداؤُه إذا حلَفَ على تَركِه وجَبَ أداؤُه إذا لم يَحلفْ كالنَّفقةِ وسائِرِ الواجِباتِ، يُحقِّقُه أنَّ اليَمينَ لا تَجعلُ غيرَ الواجِبِ واجِبًا إذا أقسَمَ على تَركِه، فوُجوبُه معها بَدلٌ على وُجوبِه قبلَها، ولأنَّ وُجوبَه في الإيلاءِ إنَّما كانَ لدَفعِ حاجَةِ المَرأةِ وإزالةِ الضَّررِ عنها، وضَررُها لا يَختلفُ بالإيلاءِ وعَدمِه، فلا يَختلِفُ الوُجوبُ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ قيلَ: فلا يَبقَى للإيلاءِ أثرٌ، فلِمَ أفرَدْتُم لهُ بابًا؟

قُلنا: بل لهُ أثرٌ؛ فإنه يَدلُّ على قَصدِ الإضرارِ فيَتعلَّقُ الحُكمُ به، وإنْ لم يَظهرْ منه قَصدُ الإضرارِ اكتُفيَ بدَلالتِه، وإذا لم تُوجَدِ اليَمينُ احتَجْنا إلى دَليلٍ سِواهُ يَدلُّ على المُضارَّةِ، فيُعتبَرُ الإيلاءُ لدَلالتِه على المُقتضَى لا لعَينِه (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦١)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٦١)، و «البيان» (١٠/ ٣٠٣)، و «المغني» (٧/ ٤٤٠)، و «الكافي» (٣/ ٢٥٣، ٢٥٤).
(٢) «المغني» (٧/ ٤٤٠)، و «المبدع» (٨/ ٤)، و «الإنصاف» (٩/ ١٦٩، ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>