والثالثُ: أنْ تدَّعيَ انقِضاءَ العدَّةِ في مدَّةٍ لا تَنقضي فيها بحالٍ لا غالِبًا ولا نادِرًا لم تُصدَّقْ ولا يُسألُ النِّساءُ (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ المرأةَ إذا ادَّعتِ انقِضاءَ عدَّتِها بالأقراءِ فيُنظرُ: إنْ طُلِّقتْ في طُهرٍ وهي مُعتادَةٌ فأقلُّ الإمكانِ لانقِضاءِ أقرائِها اثنانِ وثَلاثونَ يَومًا ولَحظتانِ، وذلكَ بأنْ تُطلَّقَ في آخِرِ طُهرِها وقد بقِيَ منه لَحظةٌ، فتَكونُ تلكَ اللَّحظةُ قُرءًا مُعتبَرًا به، ثمَّ تَحيضُ يومًا ولَيلةً ثمَّ تَطهرُ خَمسةَ عشَرَ يومًا، وذلكَ قُرءٌ ثانٍ، ثمَّ تَحيضُ يَومًا ولَيلةً ثمَّ تَطهرُ خَمسةَ عشرَ، وذلكَ قُرءٌ ثالِثٌ، ثمَّ تَطعنُ في الحَيضةِ الثالثةِ، فإذا طعَنَتْ في أولِ الحَيضةِ الثالثةِ بدُخولِ لَحظةٍ مِنها فقَدِ انقضَتْ عدَّتُها، فإذا جُمعَ بينَ الطُّهرَينِ -وهُمَا ثلاثونَ يومًا- وبينَ الحَيضتَينِ -وهُمَا يَومانِ وثُلثانِ- وبينَ اللَّحظتَينِ الأُولى والثانيةِ صارَ جَميعُ ذلكَ اثنانِ وثَلاثونَ يومًا ولَحظتانِ، غيرَ أنَّ اللَّحظةَ الأُولى مِنْ جُملةِ العدَّةِ، واللَّحظةَ الأخيرَةَ ليسَتْ مِنْ جُملةِ العدَّةِ، وإنَّما يُعلمُ بها انقِضاءُ العدَّةِ، فصارَتْ واجِبةٍ في العدَّةِ وإنْ لم تَكنْ مِنها، فلا تَصلحُ لرَجعةٍ ولا لغيرِها مِنْ أثَرِ نِكاحِ المطلِّقِ كإرثٍ، ويَصحُّ ابتداءُ عَقدٍ فيها لو وقَعَ، فهذا أقلُّ زمانٍ يُمكِنُ أنْ تَنقضيَ فيه ثلاثةُ أقراءٍ.
أمَّا المُبتدَأةُ -وهي التي طلِّقَتْ قبْلَ أنْ تَحيضَ ثمَّ حاضَتْ- فأقلُّ الإمكانِ في حقِّها ثَمانيةٌ وأربَعونَ يومًا ولَحظةٌ للطَّعنِ، فإنَّ الطُّهرَ الذي
(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٢٠، ١٢١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٨٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٣٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute