للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ولو راجَعَها ولم يُعلِمْها حتَّى انقضَتْ مدَّةُ عدَّتِها وتزوَّجَتْ بزَوجٍ آخَرَ ثم جاءَ زَوجُها الأولُ فهي امرأتُه، سواءٌ كانَ دخَلَ بها الثاني أو لَم يَدخلْ، ويُفرَّقُ بينَها وبينَ الثاني؛ لأنَّ الرجعةَ قد صحَّتْ بدُونِ عِلمِها فتَزوَّجَها الثاني وهي امرَأةُ الأولِ، فلم يَصحَّ (١).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : لا يُشترطُ لصحَّةِ الرجوعِ رضَا وعِلمُ الزوجةِ، وماذا لو تَزوَّجَتْ بآخَرَ وادَّعى الزوجُ رَجعتَها؟ وتَصحُّ الرجعةُ مِنْ غيرِ عِلمِ الزوجةِ؛ لأنَّ ما لا تَفتقرُ صحَّتُه إلى رِضاها .. لم تَفتقرْ صحَّتُه إلى عِلمِها كالطلاقِ.

إذا ثبتَ هذا: فإنِ انقَضَتْ عدَّتُها فتزوَّجَتْ بآخَرَ وادَّعَى الزوجُ الأولُ أنه كانَ راجَعَها قبلَ انقضاءِ عدَّتها منه وقالَ الزوجُ الثاني: «بل انقضَتْ عدَّتُها قبلَ أنْ تُراجِعَها» .. نَظَرت: فإنْ أقامَ الزوجُ الأولُ بيَّنةً أنه راجَعَها قبلَ انقِضاءِ عدَّتِها منهُ .. حُكِمَ بزَوجيَّتِها للأولِ وبطَلَ نكاحُ الثاني، سَواءٌ دخَلَ بها الثاني أو لم يَدخلْ بها، وبهِ قالَ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ وأكثرُ الفُقهاءِ.

وقالَ مالكٌ: (إنْ دخَلَ بها الثاني .. فهو أحَقُّ بها)، وإنْ لم يَدخلْ بها الثاني .. ففيهِ رِوايتانِ:

(إحداهُما: أنه أحَقُّ بها، والثانيةُ: أنَّ الأولَ أحَقُّ بها)، ورُويَ ذلكَ عَنْ عُمرَ .


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>