للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاءَ زَوجُها الأولُ وادَّعى أنه راجَعَها قبلَ انقِضاءِ عدَّتِها وأقامَ البيِّنةَ على ذلكَ أنها زَوجتُه وأنَّ نكاحَ الثاني فاسِدٌ؛ لأنه تزوَّجَ امرأةَ غيرِه، وتُرَدُّ إلى الأولِ، سَواءٌ دخَلَ بها الثاني أو لم يَدخلْ بها، قالَ ابنُ قُدامةَ : هذا هو الصَّحيحُ، وهو مَذهبُ أكثَرِ الفُقهاءِ، مِنهم الثوريُّ والشافِعيُّ وأبو عُبيدٍ وأصحابُ الرَّأيِ، ورُويَ ذلكَ عن عَليٍّ (١).

والدَّليلُ عليهِ قَولُ اللهِ ﷿: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وقد فعَلَ.

ولأنَّ العُلماءَ أجمَعُوا أنَّ الأولَ أحَقُّ بها لو جاءَ قبلَ أنْ تتزوَّجَ كانَتِ امرَأتَه؛ لرَجعتِه إياها، وهذا يَدلُّ على صحَّةِ الرجعةِ معَ جَهلِ المَرأةِ بها، وإذا صحَّتِ الرجعةُ كانَتِ امرأةَ الأولِ، فلا يَصحُّ زَواجُ الثاني.

فإنْ كانَ الثاني لم يَدخلْ بها فرِّقَ بينَهُما ورُدَّتْ إلى الأولِ ولا شيءَ على الثاني، وإنْ كانَ دخَلَ بها فلها عليهِ مَهرُ المِثلِ؛ لأنَّ هذا وَطءُ شُبهةٍ، وتَعتدُّ ولا تَحلُّ للأولِ حتَّى تَنقضيَ عدَّتُها منهُ (٢).


(١) «المغني» (٧/ ٤١١).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ١٣٧)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٣٩٠، ٣٩١)، و «اختلاف العلماء» للمروزي ص (١٧٩)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨١)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (١٠/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «المغني» (٧/ ٤١١)، و «المبدع» (٧/ ٣٩٧)، و «الإنصاف» (٩/ ١٥٩، ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>