للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَليلُنا: قَولُه تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] إلى قَولِه تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٤]، و (المُحصَنةُ): مَنْ لها زَوجٌ، وهذه لها زَوجٌ وهو الأولُ، فلمْ يَصحَّ نكاحُ الثاني.

إذا ثبَتَ هذا: فإنْ كانَ الثاني لم يَدخلْ بها .. فرِّقَ بينَهُما ولا شيءَ عليهِ، وإنْ دخَلَ بها .. فرِّقَ بينَهُما وعليهِ مَهرُ مِثلِها وعليها العدَّةُ؛ لأنه وَطءُ شُبهةٍ، ولا تَحلُّ للأوَّلِ حتى تَنقضيَ عدَّتُها مِنْ الثاني.

وإنْ لم يَكنْ معَ الأولِ بيِّنةٌ .. فله أنْ يُخاصِمَ الزوجَ الثاني، وله أنْ يُخاصِمَ الزوجةَ، والأَولى أنْ يَبتدِئَ بخُصومةِ الثاني؛ لأنه أقرَبُ … (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الزوجَ إذا راجَعَها ولم تَعلمْ برَجعتِه حتَّى انقضَتْ عدَّتُها ثم تزوَّجَتْ إنْ دخَلَ بها الثاني فهي امرَأتُه ويَبطلُ نِكاحُ الأولِ، رُويَ ذلكَ عَنْ عُمرَ بنِ الخطَّابِ ، ورُويَ مَعناهُ عن سَعيدِ بنِ المُسيبِ وعَبدِ الرَّحمنِ بنِ القاسمِ ونافعٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهُما عقَدَ عليها وهي ممَّن يَجوزُ له العَقدُ في الظاهرِ، ومع الثاني مَزيَّةُ الدُّخولِ، فقدِّمَ بها.

قالَ الإمامُ ابنُ عَبدِ البَرِّ : وأمَّا بَلاغُ مالكٍ عن عُمرَ في الذي طلَّقَ فأعلَمَها فارتَجعَ ولم يُعلمْها حتَّى رجعَتْ نكَحَتْ فهو غَيرُ مَشهورٍ عن عُمرَ مِنْ رِوايةِ أهلِ الحجازِ وأهلِ العراقِ.


(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (١٠/ ٢٥٤، ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>