عليه، فإنْ أُجبِرتْ على ذلك فلا تَزيَّنُ له ولا تَقربُه وتَهربُ إنْ قدَرَتْ، وإنْ شَهدَ عندَها عَدلانِ غيرُ مُتَّهمَينِ فلا تُقيمُ معه، وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ.
قالَ جابرُ بنُ زَيدٍ وحمَّادُ بنُ أبي سُليمانَ وابنُ سِيرينَ: تَفِرُّ منه ما استطاعَتْ، وتَفتدي منه بكُلِّ ما يُمكِنُ، وقالَ الثوريُّ وأبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ وأبو عُبيدٍ: تَفِرُّ منه، وقالَ مالكٌ: لا تَتزيَّنُ له ولا تُبدِي لهُ شيئًا مِنْ شَعرِها ولا عَرِيَّتها ولا يُصيبُها إلا وهي مُكرَهةٌ.
والصَّحيحُ ما قالَه الأوَّلونَ؛ لأنَّ هذه تَعلمُ أنها أجنبيَّةٌ منه مُحرَّمةٌ عليه، فوجَبَ عليها الامتِناعُ والفِرارُ منه كسائِرِ الأجنبيَّاتِ، وهكذا لو ادَّعى نِكاحَ امرَأةٍ كَذبًا وأقامَ بذلكَ شاهِدَي زُورٍ فحكَمَ له الحاكمُ بالزوجيةِ، ولو تَزوَّجَها تَزويجًا باطلًا وسُلِّمتْ إليه بذلك فالحُكمُ في هذا كلِّه كالحُكمِ في المُطلَّقةِ ثلاثًا.
فصلٌ: ولو طلَّقَها ثلاثًا ثمَّ جحَدَ طلاقَها لم تَرِثْه؛ نصَّ عليه أحمدُ، وبه قالَ قَتادةُ وأبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ والشافِعيُّ وابنُ المُنذِرِ، وقالَ الحسَنُ: تَرِثُه؛ لأنها في حُكمِ الزوجاتِ ظاهِرًا.
ولنا: إنها تَعلمُ أنها أجنبيَّةٌ، فلم تَرِثْه كسائرِ الأجنبيَّاتِ.
وقالَ أحمدُ في رِوايةِ أبي طالِبٍ: تَهربُ منه ولا تَتزوَّجُ حتى يُظهِرَ طلاقَها وتَعلمَ ذلك يَجيءُ فيَدَّعِيها فتُرَدُّ عليه وتُعاقَبُ، وإنْ ماتَ ولم يُقِرَّ بطلاقِها لا تَرثُه، لا تأخُذ ما ليسَ لها، تَفِرُّ منهُ، ولا تَخرجُ مِنْ البَلدِ، ولكنْ تَختفي في بَلدِها.