ففي وُجوبِ إحلافِها عليهِ وَجهانِ؛ بناءً على ما مَضَى، واللهُ أعلَمُ (١).
وأمَّا الحَنابلةُ فقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: فصلٌ: إذا ادَّعَتِ المرأةُ أنْ زوْجَها طلَّقَها فأنكَرَها فالقَولُ قَولُه؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ النكاحِ وعَدمُ الطلاقِ، إلَّا أنْ يَكونَ لها بما ادَّعَتْه بيِّنةٌ، ولا يُقبَلُ فيه إلا عَدلانِ، ونقَلَ ابنُ مَنصورٍ عن أحمَدَ أنه سُئلَ: أَتجوزُ شَهادةُ رَجلٍ وامرَأتَينِ في الطلاقِ؟ قالَ: لا واللهِ، إنَّما كانَ كذلكَ؛ لأنَّ الطلاقَ ليسَ بمالٍ ولا المَقصودُ منه المالُ، ويَطَّلعُ عليه الرِّجالُ في غالِبِ الأحوالِ، فلم يُقبَلْ فيهِ إلا عَدلانِ كالحُدودِ والقِصاصِ، فإنْ لم تَكنْ بيِّنةٌ فهل يُستحلَفُ؟ فيه رِوايتانِ، نقَلَ أبو الخطَّابِ أنه يُستحلَفُ، وهو الصَّحيحُ؛ لقَولِ النبيِّ ﷺ:«ولكنَّ اليَمينَ على المُدَّعى عليه»، وقَولِه:«اليَمينُ على مَنْ أنكَرَ»، ولأنه يَصحُّ مِنْ الزوجِ بَذلُه، فيُستحلَفُ فيهِ كالمَهرِ.
ونقَلَ أبو طالِبٍ عنه: لا يُستحلَفُ في الطلاقِ والنكاحِ؛ لأنه لا يُقضَى فيهِ بالنُّكولِ، فلا يُستحلَفُ فيه، كالنكاحِ إذا ادَّعَى زَوجِيَّتها فأنكَرَتْه، وإنِ اختَلفَا في عَددِ الطلاقِ فالقَولُ قولُه؛ لِمَا ذكَرْناه.
فإذا طلَّقَ ثلاثًا وسَمِعتْ ذلكَ وأنكَرَ أو ثبَتَ ذلكَ عندَها بقَولِ عَدلَينِ لم يَحِلَّ لها تَمكينُه مِنْ نفسِها، وعليها أنْ تَفِرَّ منه ما استطاعَتْ، وتَمتنعَ منه إذا أرادَها، وتَفتديَ منه إنْ قدَرَتْ.
قالَ أحمَدُ: لا يسَعُها أنْ تُقيمَ معه، وقالَ أيضًا: تَفتدِي منه بما تَقدِرُ