للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبأنَّ النَّبيَّ : «نَهى عن الصَّلاةِ في أَرضِ بابِلَ، وقالَ: فَأنَّها مَلعُونَةٌ» (١). فعلَّل مَنعَ الصَّلاةِ فيها باللَّعنةِ، وهذه كنائِسُهُم هي مَواضِعُ اللَّعنةِ والسَّخطَةِ، والغَضَبُ يَنْزِلُ عليهم فيها، كما قالَ بَعضُ الصَّحابةِ: «اجتَنِبُوا اليَهودَ والنَّصارى في أعيادِهم؛ فإنَّ السَّخطَةَ تَنزِلُ عليهِم»؛ ولأنَّها من بُيوتِ أعداءِ اللهِ، ولا يُتعبَّدُ اللهُ في بُيوتِ أعدائِه.

وعن أحمدَ رِوايةٌ ثانيةٌ أنَّها غيرُ مَكروهةٍ إذَا كانَت طاهِرةً؛ لأنَّها داخِلةٌ في قولِه : «جُعلت لِي الأَرضُ مَسجدًا وَطَهُورًا»، وَفِي لَفظٍ: «فَحيثُمَا أَدرَكَتكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ؛ فَإِنَّه مَسجدٌ»، وَفِي لَفظٍ: «أَينَمَا أَدرَكَتكَ الصَّلاةُ فَصَلِّ؛ فَإِنَّه مَسجدٌ» مُتفقٌ عَلَيهَا، ولأنَّه قد صلَّى فيها الصَّحابةُ، وهي طاهِرةٌ (٢). وهي مِنْ أَملاكِ المُسلِمينَ، ولا يَضُرُّ المُصلِّيَ شِركُ المُشرِكِ فيها؛ فذلكَ شِركٌ فيهَا، والمُسلِمُ يُوحِّدُ، فلَه غُنمُه، وعلى المُشرِكِ غُرمُه.

وعنِ الإمامِ أحمدَ في رِوايةٍ ثالِثةٍ التَّفريقُ بينَ الكَنائِسِ والبِيَعِ التي فيها صُوَرٌ فتُكرَهُ الصَّلاةُ فيها، وغيرُ المُصوَّرةِ فلا تُكرَهُ.

قالَ ابنُ القَيِّمِ : وهي ظاهرُ المَذهبِ، وهذا مَنقولٌ عن عمرَ وأبي مُوسى.

وذلك لِأنَّ الصُّوَر تُقابِلُ المُصلِّيَ وتُواجِهُهُ، وهي كالأصنامِ، إلَّا أنَّها غيرُ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٤٩٠).
(٢) حكَاهُ ابنُ المُنذِر عن أبي موسى أنه صَلَّى في كنيسة. ورُوِي عن ابنِ عباسٍ أنه رخَّصَ أن يُصلَّى في البِيَع إذا استَقبَل القِبلة. «الأوسط» (٢/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>