للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ لم يَنوِ شيئًا فهل يَقعُ؟ على وجهَينِ، وقيلَ: على رِوايتينِ:

إحداهُما: يَقعُ، قالَه الشَّعبيُّ والنخَعيُّ والحكَمُ؛ لأنَّ الكتابةَ تَقومُ مَقامَ اللفظِ.

والثانيةُ: لا يَقعُ إلا بنيَّتِه، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ ومالكٍ ومَنصوصُ الشافعيِّ؛ لأنَّ الكِتابةَ مُحتمِلةٌ، فإنه يُقصَدُ بها تَجربةُ القَلمِ وتَجويدُ الخَطِّ وغَمُّ الأهلِ، فلم يقَعْ مِنْ غيرِ نيَّةٍ ككِناياتِ الطلاقِ.

وإنْ كتَبَه بشَيءٍ لا يَبِينُ -مِثلَ أنْ كتَبَ بأُصبُعِه على وِسادةٍ أو في الهواءِ- فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ أنه لا يقَعُ؛ لأنَّ الكِتابةَ لا تَبِينُ كالهَمسِ بالفَمِ بما لا يَستَبينُ، وثَمَّ لا يَقعُ، فههُنا أَولى.

وقالَ أبو حَفصٍ العُكبَريُّ: يقَعُ؛ لأنه كتَبَ حُروفَ الطلاقِ فأشبَهَ ما لو كتَبَه بشَيءٍ يَبِينُ (١).

وأما الشافِعيةُ فقالوا: إذا كتَبَ ناطِقٌ طَلاقَ امرَأتِه بلَفظٍ صَريحٍ -كأنْ كتَبَ: «زَوجتِي، أو كلُّ زَوجةٍ لي طالقٌ» - ولَم يَنوِ فلَغوٌ لا يُعتَدُّ بهِ ولا يَقعُ الطلاقُ؛ لأنَّ الكِتابةَ تَحتملُ إيقاعَ الطلاقِ وتَحتملُ امتِحانَ الخَطِّ، فلم يقَعِ الطلاقُ بمُجرَّدِها.

وضابِطُ المَكتوبِ عليه: كلُّ ما ثبَتَ الخطُّ عليهِ مِنْ كاغِدٍ ولَوحٍ ورَقٍّ


(١) «المغني» (٧/ ٣٧٣، ٣٧٤)، و «الكافي» (٣/ ١٧٨)، و «الشرح الكبير» (٨/ ٢٨٢، ٢٨٣)، و «المبدع» (٧/ ٢٧٣، ٢٧٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٤٧٢، ٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>