بذلكَ تَجويدَ خَطِّه أو تَجربةَ قَلمِه لم يقَعْ؛ لأنه لو نَوَى باللَّفظِ غيرَ الإيقاعِ لم يقَعْ، فالكِتابةُ أَولى، وإذا ادَّعَى ذلكَ دُيِّنَ فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، ويُقبَلُ أيضًا في الحُكمِ في أصَحِّ الوَجهينِ؛ لأنه يُقبَلُ ذلكَ في اللفظِ الصريحِ في أحَدِ الوَجهَينِ، فهاهُنا معَ أنه ليسَ بلَفظٍ أَولى.
وإنْ نَوَى غَمَّ أهلِه لم يقَعْ في أصَحِّ القَولينِ؛ لأنه نوَى باللفظِ غيرَ الإيقاعِ، فالكِتابةُ أَولى.
وعنهُ: يَقعُ؛ لأنَّ غَمَّ أهلِه لا يُنافي الإيقاعَ، فقد قالَ في رِوايةِ أبي طالِبٍ فيمن كتَبَ طلاقَ زَوجتِه ونَوَى الطلاقَ: وقَعَ، وإنْ أرادَ أنْ يَغمَّ أهلَه فقدْ عمِلَ في ذلكَ أيضًا، يعني أنه يُؤاخَذُ به؛ لقَولِ النبيِّ ﷺ:«إنَّ اللهَ عَفَا لأمَّتِي عمَّا حَدَّثَتْ بهِ أنفُسَها ما لم تَكلَّمْ أو تَعملْ به»، فظاهِرُ هذا أنه أوقَعَ الطلاقَ؛ لأنَّ غَمَّ أهلِه يَحصلُ بالطلاقِ فيَجتمعُ غَمُّ أهلِه ووُقوعُ طَلاقِه، كما لو قالَ:«أنتِ طالقٌ» يُريدُ به غَمَّها.
وهل تُقبَلُ دَعواهُ في الحُكمِ؟ على رِوايتَينِ:
أصَحَّهما: أنه يُقبَلُ؛ لأنَّ ذلك يُقبَلُ في اللفظِ الصريحِ على قَولٍ، فهُنَا أَولى، ولأنه إذا أرادَ غَمَّ أهلِه بتَوهُّمِ الطلاقِ دُونَ حَقيقتِه فلا يَكونُ ناوِيًا للطلاقِ.