للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَفَ عليه أقَرَّ به وادَّعى أنه إنَّما كتَبَ بذلكَ كما ذُكِرَ لم يُصدَّقْ في ذلكَ، إلا أنْ يكونَ قد أشهَدَ شُهودًا على أنه إنَّما كتَبَ بالطلاقِ لذلكَ، فإنْ لم يَكنْ أشهَدَ على ذلكَ لَزمَه الطلاقُ، قالَ في «الرِّواية»: يَنوِي وتكونُ واحِدةً، قالَ ذلكَ أشهَبُ في نَظيرِ هذهِ المَسألةِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إذا كتَبَ الطلاقَ فلا يَخلُو مِنْ حالتَينِ: إمَّا أنْ يَنويَه أو لا.

فإنْ نَواهُ طَلُقتْ زَوجتَه؛ لأنَّ الكِتابةَ حُروفٌ يُفهَمُ منها الطلاقُ، فإذا أتَى فيها بالطلاقِ وفُهِمَ منها ونَواهُ وقَعَ كاللفظِ، ولأنَّ الكِتابةَ تَقومُ مَقامَ قَولِ الكاتِبِ، بدَلالةِ أنَّ النبيَّ كانَ مَأمورًا بتَبليغِ رِسالتِه، فحصَلَ ذلكَ في حَقِّ البَعضِ بالقَولِ، وفي حَقِّ آخَرينَ بالكِتابةِ إلى مُلوكِ الأطرافِ، ولأنَّ كِتابَ القاضِي يَقومُ مَقامَ لَفظِه في إثباتِ الدُّيونِ والحُقوقِ.

فأمَّا إنْ كتَبَ ذلك مِنْ غيرِ نِيةٍ فعَلى روايتَينِ:

إحداهُما: يَقعُ.

والثانيةُ: لا يَقعُ إلا بنيَّةٍ؛ لأنَّ الكِتابةَ مُحتمِلةٌ، فإنه يُقصَدُ بها تَجرِبةُ القَلمِ وتَجويدُ الخَطِّ وغَمُّ الأهلِ، فلم يَقعْ مِنْ غيرِ نيَّةٍ ككِناياتِ الطلاقِ، فإنْ نَوَى


(١) «البيان والتحصيل» (٥/ ٣٧٠، ٣٧٤)، و «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤١٨، ٤١٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٢٥، ٤٢٦)، رقم (١٢٤١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٣٤٥)، و «منح الجليل» (٤/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>