وعن أحمدَ ما يَدلُّ على أنه إنْ نَوَى واحِدةً فهي واحِدةٌ؛ لأنه نَوعُ تَخييرٍ، فرجَعَ إلى نيَّتِه كالتخييرِ.
النوعُ الثاني: أنْ يَقولَ لها: «اختارِي» فليسَ لها أنْ تَختارَ أكثَرَ مِنْ واحِدةٍ، إلا أنْ يَجعَلَ إليها أكثَرَ مِنْ ذلكَ بلَفظِه أو نيَّتِه، وليسَ لها أنْ تَختارَ إلا عَقيبَ تَخييرِه قبلَ أنْ يَقطعَا ذلكَ بالأخذِ في كَلامٍ غيرِه أو قِيامِ أحَدِهما عن مَجلسِه؛ لأنَّ ذلكَ يُروَى عن عُمرَ وعُثمانَ وابنِ مَسعودٍ وجابرٍ ﵃، فعَن سَعيدِ بنِ المُسيبِ أنه قالَ: قضَى عُمرُ وعُثمانُ في الرَّجلِ يُخيِّرُ امرَأتَه أنَّ لها الخِيارَ ما لم يَتفرَّقَا، وعَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: ما دامَا في مَجلسِها، ونَحوُه عنِ ابنِ مَسعودٍ وجابرٍ، ولم نَعرفْ لهم مُخالِفًا في الصحابةِ فكانَ إجماعًا، وهو قَولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ؛ ولأنه خِيارُ تَمليكٍ، فكانَ على الفَورِ كخِيارِ القَبولِ.
وإنْ جعَلَ إليها أكثَرَ مِنْ ذلكَ بلَفظِه أو نيَّتِه أو قَرينةٍ فهو على ما جعَلَ إليها؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ قالَ لعائِشةَ:«فلا عليكِ ألا تَعجَلِي حتَّى تَستأمِرِي أبوَيكِ».
وللزوجِ الرُّجوعُ فيما فوَّضَه إليها قبلَ تَطليقِها؛ لأنه نوعُ تَفويضٍ، فملَكَ الرُّجوعَ فيهِ كتَوكيلِ الأجنَبيِّ، وإنْ وَطئَها كانَ رُجوعًا؛ لدَلالتِه على رَغبتِه فيها ورُجوعِه عمَّا جعَلَ إليها.
ولَفظةُ الخِيارِ و «أمرُكِ بيَدكِ» كِنايةٌ في حَقِّ الزوجِ؛ لأنه ليسَ بصَريحٍ في