أحَدُهما: تَفويضُه بلَفظٍ صَريحٍ فيَقولُ: «طلِّقِي نفسَكِ»، فلها أنْ تُطلِّقَ نفسَها واحدةً، ليسَ لها أكثَرُ منها؛ لأنَّ الأمرَ المُطلَقَ يَتناولُ أقَلَّ ما يقَعُ عليهِ الاسمُ، كما لو وكَّلَ فيه أجنَبيًّا، إلا أنْ يَجعلَ إليها أكثَرَ مِنْ ذلكَ بلَفظِه أو نيَّتِه؛ لأنه نَوَى بكَلامِه ما يَحتملُه، والقَولُ قولُه في نيَّتِه؛ لأنه أعلَمُ بها، ولها أنْ تُطلِّقَ بلَفظِ الصريحِ والكِنايةِ مع النِّيةِ؛ لأنَّ الجَميعَ طلاقٌ فيَدخلُ في لَفظِه، ولها أنْ تُطلِّقَ متى شاءَتْ؛ لأنه تَوكيلٌ في الطلاقِ مُطلَقٌ، فأشبَهَ تَوكيلَ الأجنبيِّ.
وقالَ القاضي: يَتقيَّدُ بالمَجلسِ؛ قياسًا على التخييرِ.
الضربُ الثاني: تَفويضُه إليها بلَفظِ الكِنايةِ: وهو نَوعانِ:
أحَدُهما: أنْ يَقولَ: «أمرُكِ بيَدكِ» فيَكونُ لها أنْ تُطلِّقَ نفسَها ما شاءَتْ ومتى شاءَتْ؛ لأنه نَوعُ تَوكيلٍ بلَفظٍ يَقتضي العُمومَ في جَميعِ أمرِها، فأشبَهَ ما لو قالَ:«طلِّقِي نفسَكِ ما شئتِ ومتى شِئتِ»، وقد رُويَ عن عليٍّ في رَجلٍ جعَلَ أمرَ امرَأتِه بيَدِها قالَ:«هو لها حتَّى يَنكلَ».