للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى القَولينِ -أي التمليكِ والتَّوكيلِ- له الرجوعُ عن التفويضِ قبلَ تَطلِيقِها؛ لأنَّ التمليكَ والتوكيلَ يَجوزُ الرجوعُ فيهِما قبلَ القَبولِ، فإذا رجَعَ ثمَّ طلَّقَتْ لم يقَعْ، عَلِمَتْ برُجوعِه أم لا.

ولو علَّقَ التَّفويضَ -كأنْ قالَ لها: «إذا جاءَ رَمضانُ مَثلًا فطَلِّقي نفسَكِ» - لغَا على قَولِ التمليكِ؛ لأنَّ التمليكَ لا يَصحُّ تَعليقُه.

واعْلَم أنَّ ما تَقدَّمَ مِنْ صُوَرِ التفويضِ إنما هو في الصريحِ.

وأمَّا بالكِنايةِ فهو كما لو قالَ لها: «أَبيني نفسَكِ» فقالَتْ: «أَبَنتُ» ونوَيَا -أي الزوجُ تَفويضَ الطلاقِ إليها بأَبيني، ونَوَتْ هي تَطليقَ نَفسِها بأبَنْتُ- وقَعَ الطلاقُ؛ لأنَّ الكِنايةَ معَ النِّيةِ كالصريحِ.

وإنْ لم يَنويَا أو أحَدُهما فلا يَقعُ؛ لأنه إنْ لم يَنوِ هو فلا تَفويضَ، وإنْ لم تَنوِ هي فلا تَطليقَ؛ إذِ الطلاقُ لا يقَعُ بهذا اللَّفظِ وحْدَه.

ولو صرَّحَ فكَنَّتْ أو عكسُه -كأنْ قالَ لها: «طلِّقي نفسَكِ» فقالَت: «أبَنْتُ» ونَوَتْ، أو قالَ: «أبيني نفسَكِ» ونَوَى فقالَتْ: «طلَّقتُ» - وقَعَ الطلاقُ؛ لأنها أُمِرَتْ بالطلاقِ وقد فعَلَتْه في الحالَينِ، ولا يَضرُّ اختِلافُ لَفظِهما.

وإنْ قالَ لها: «طلِّقي نفسَكِ بصَريحِ الطلاقِ أو بكِنايتِه أو بالتسريحِ أو نَحوِ ذلك» فعدَلَتْ عن المَأذونِ فيه إلى غيرِه لم تَطلُقْ؛ لمُخالَفتِها صَريحَ كَلامِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>