للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولَ، وهو قَولُ ابنِ عُمرَ (١) وابنِ عبَّاسٍ (٢) وعَطاءٍ والنخَعيِّ وشُريحٍ، وقُولِ أصحابِ ابنِ مَسعودٍ، فعَن إبراهيمَ أنَّ أصحابَ عَبدِ اللهِ كانُوا يَقولونَ: يَهدِمُ الزوجُ الواحدةَ والاثنتَينِ كما يَهدِمُ الثلاثَ، إلا عبيدَةَ فإنهُ قالَ: هيَ على ما بَقيَ مِنْ طلاقِها.

ولأنَّ الزواج الثاني إذا هدَمَ الطلاقَ الثلاثَ فلَأنْ يَهدِمَ ما دُونَه أَولَى؛ لأنَّ الحِلَّ بعْدَ إصابةِ الزوجِ الثاني، وطَلاقُه إياها وانقِضاءُ عِدَّتِها حِلٌّ جَديدٌ، والحِلُّ الجَديدُ لا يَزولُ إلا بثلاثِ طَلقاتٍ كما في ابتِداءِ النكاحِ.

والدليلُ على أنَّ هذا حِلٌّ جَديدٌ أنَّ الحِلَّ الأولَ قَدْ زالَ حَقيقةً؛ لأنهُ عرَضٌ لا يُتصوَّرُ بَقاؤُه، إلا أنهُ إذا لم يَتخلَّلْ بيْنَ الحِلَّينِ حُرمةٌ يُجعَلُ كالدائِمِ بتَجدُّدِ أمثالِه، فيَكونُ كشيءٍ واحِدٍ فكانَ زائِلًا حَقيقةً وتَقديرًا، فكانَ الثاني حِلًّا جَديدًا، والحِلُّ الجَديدُ لا يَزولُ إلا بثلاثِ تَطليقاتٍ كما في ابتِداءِ النكاحِ.

ولأنَّ وطْءَ الزوجِ الثاني يَهدِمُ الطَّلقاتِ الثلاثَ، فأَولَى أنْ يَهدِمَ ما دُونَها، ولأنَّ وطْءَ الثاني سَببٌ للحِلِّ.

ولأنَّ إصابةَ الزوجِ الثاني بنِكاحٍ صَحيحٍ يُلحِقُ المُطلَّقةَ بالأجنبيَّةِ في الحُكمِ المُختَصِّ بالطلاقِ كما بعْدَ التَّطليقاتِ الثلاثِ.


(١) صَحِيحُ: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٦/ ٣٥٤)، رقم (١١١٦٦)، والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٣٦٥).
(٢) صَحِيحُ: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (٦/ ٣٥٤)، رقم (١١١٦٥)، وسعيد بن منصور في «سننه» (١/ ٢٠٨)، رقم (١٥٣٣)، والبيهقي في «الكبرى» (٧/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>