للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرَوى الإمامُ مالِكٌ في «المُوَطَّأ» عنِ ابن شِهابٍ أنهُ قالَ: سَمعْتُ سَعيدَ ابنَ المُسيَّبِ وحُميدَ بنَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ وعُبيدَ الله بنَ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ ابنِ مَسعودٍ وسُليمانَ بنَ يَسارٍ كُلُّهم يَقولُ: سَمعْتُ أبا هُريرةَ يَقولُ: سَمعْتُ عُمرَ بنَ الخطَّابِ يَقولُ: «أيُّما امرَأةٍ طلَّقَها زوجُها تَطليقةً أو تَطليقتَينِ ثمَّ ترَكَها حتَّى تَحِلَّ وتَنكحَ زَوجًا غيرَه فيَموتَ عنها أو يُطلِّقَها ثمَّ يَنكِحُها زَوجُها الأوَّلُ فإنها تَكونُ عندَه على ما بَقيَ مِنْ طلاقِها» (١).

قالَ مالِكٌ: وعلى ذلكَ السُّنةُ عندَنا الَّتي لا اختِلافَ فيها.

وحُجَّتُهم في ذلكَ أنَّ الحِلَّ الأولَ لا يَزولُ إلا بالطلاقِ الثَّلاثِ، فإذا طلَّقَ الرجلُ زوْجتَه واحِدةً أو اثنتَينِ لم تَحرُمْ عليهِ وحَلَّ لهُ التزوُّجُ بها، فلو تَزوَّجتْ بغيرِه ودخَلَ بها ثمَّ عادَتْ إليهِ بعدَ ذلكَ عادَتْ إليهِ بالحِلِّ الأولِ، فلا يَملِكُ عليها إلا ما بَقيَ مِنَ الطلاقِ الذي كانَ ثابِتًا لهُ في ذلكَ الحِلِّ.

ولأنَّ اللهَ قالَ: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] إلى قَولِه: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، حرَّمَ المُطلَّقةَ الثلاثَ مُطلَقًا مِنْ غيرِ فَصلٍ بيْنَ ما إذا تَخلَّلتْ إصابةُ الزوجِ الثَّاني الثلاثَ وبينَ ما


(١) صَحِيحُ: رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٥٨٦)، رقم (١٢١٩)، وعبد الرزاق في «المصنف» (٦/ ٣٥١)، رقم (١١١٤٩)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٥/ ١٠١)، رقم (١٨٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>